إسرائيل تتعمّد كشف خفايا وخبايا القرار بزيارة السعوديّة: تحت السطح كلّ شيءٍ مُنسّقٍ ووزير داخلية الكيان يعرف والجبير يعلم جيّدًا وبن سلمان ومجموعته يُصدِرون تأشيرات الدخول
كشفت سمدار بيري، المُستشرِقة الإسرائيليّة، المُرتبِطة كغيرها من الـ”خبراء في الشأن العربيّ” (!) بوسائل الإعلام العبريّة مع المنظومة الأمنيّة في كيان الاحتلال، كشفت النقاب عن أنّه من جهةٍ، يُصِّر عادل الجبير، وزير الخارجية الجديد–القديم للمملكة العربيّة السعودية، على الإيضاح بأنّه ليس لبلاده اتصالات من أيّ نوعٍ كان مع إسرائيل ومن الجهة الأخرى، أضافت بيري، مُحلِّلة شؤون الشرق الأوسط بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، أضافت أنّ وزير داخلية الدولة العبريّة، آريه درعي، وفي بيانٍ تاريخيٍّ، يدعو رجال أعمال إسرائيليين للسفر إلى السعودية وفحص إمكانيات المشاريع المشتركة.
فمن نُصدِّق إذن؟، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّه يومًا واحِدًا فقط مرّ بين البيان السعوديّ والبيان الإسرائيليّ، الأول ينفي، والثاني يحمل بشرى مفاجئة، ولكن، شدّدّت بيري، نقلاً عن المصادر الرفيعة جدًا في تل أبيب، على أنّه تحت السطح كلّ شيءٍ مُنسّقٍ، درعي يعرف، وكذلك الجبير، الثعلب السياسيّ المُجرَّب الذي تمكّن من تولّي منصب سفير بلاده في واشنطن، إنّه يعرف، بل ويعرف تمامًا، على حدّ قول المصادر للمُستشرِقة الإسرائيليّة.
وساقت بيري قائلةً إنّ هذه هي الحقيقة: وفودٌ إسرائيليّةٌ سافرت في العامين الأخيرين إلى السعودية، بصمتٍ، بعضها مع مسؤولين كبار في المنظومة الأمنيّة بالدولة العبريّة، وبعضها مع رجال أعمالٍ، مُشيرةً، استنادًا على ذات المصادر، إلى أنّ معظمها مع حاملي جوازات سفر مزدوجةٍ، وأكّدت بيري أنّه واضح للمُضيفين السعوديين مَنْ جاء، ومن أين جاء بالضبط، وكشفت النقاب عن أنّها تلقّت منذ زمنٍ غيرُ بعيدٍ علبة حلوى كُتِب عليها باللغتين الإنجليزية والعربية: إنتاج جدة”، أمّا مَنْ مَنَحَ الهدية فلا يحتاج إلى تفسيرٍ، قالت المُستشرِقة الإسرائيليّة، في إشارةٍ إلى أنّ حامل الهديّة كان مسؤولاً أمنيًا إسرائيليًا.
وأوضحت المستشرِقة بيري، استنادًا للمصادر الأمنيّة الإسرائيليّة نفسها، أوضحت أنّه حاليًا، لا يُمكِن للجميع أنْ يدخل السعودية، مُضيفةً أنّ حاملي جوازات السفر الإسرائيليّة فقط لا يُمكِنهم أنْ يتمتعوا في المرحلة الأولى بالحديث مع المحليين وبالرحلات السياحيّة، ويبقى الأمر، آنيًا، حِكرًا على الإسرائيليين، الذي يحملون جوازات سفرٍ أجنبيّةٍ، كما جرى مع مُراسِل القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ، إنريكي تسيميرمان، الذي يحمِل بالإضافة للجواز الإسرائيليّ، جواز سفرٍ إسبانيٍّ.
وكشفت المصادر الإسرائيليّة أيضًا النقاب عن أنّ تأشيرات الدخول إلى المملكة هي في يديّ وليّ العهد محمد بن سلمان وعصبة المقربين منه، وهم الذين يُقررون مَنْ يأتي من الطرف الإسرائيليّ، ومَنْ يتجوّل ويقوم بعقد صفقاتٍ تجاريّةٍ مع رجال أعمالٍ من المملكة، وبالتوازي، تابعت المصادر، كما أفادت الصحيفة الإسرائيليّة، سيحرصون أيضًا على إبقائهم تحت المتابعة الوثيقة، وفي الوقت نفسه، يُواصِل بن سلمان تطوير المدينة الجديدة “نيوم” كموقعٍ سياحيٍّ حديثٍ، ويضخ إلى هناك مستثمرين ورجال أعمال، بينما، وبالتوازي، في مدينة جدّة أيضًا بدأت شراكاتٍ دوليّةٍ، وتقترح إسرائيل على السعودية أنْ تدخل إلى عالم التكنولوجيا العليا، وتوسيع صناعة الغذاء المحليّة، أكّدت المصادر في تل أبيب.
وقالت المُستشرِقة الإسرائيليّة أيضًا أنّ كلّ مَنْ وصل إلى جدة من إسرائيل حتى الآن فعل هذا في طيرانٍ خاصّ، تحت إشراف المنظومة الأمنيّة في الدولة العبريّة، أوْ بواسطة شركة الطيران الأردنيّة، لافتةً إلى أنّ الرجل العادي والبسيط في السعودية لا يعرف بعد كيف يُشخِّص الإسرائيليين، ولا يحلم أنْ يقفوا بقربٍ شديدٍ إلى جانبه، كما يصعب عليه الحديث بانفتاحٍ عن اتصالاتٍ أوْ شراكاتٍ مع إسرائيل، ولكن تُعتبَر هذه فرصة للأمير بن سلمان لصرف الانتباه عن قضية قتل الصحافي جمال خاشقجي وطي عشرات السجناء في النسيان، ولا سيما النساء، ممَّن كافحوا في سبيل حقوق الإنسان، وهو يعرف بأنّ الزوار الإسرائيليين الذين سيأتون لاحَقًا بشكلٍ علنيٍّ إلى المملكة سيثيرون الكثير جدًا من الاهتمام، على حدّ تعبيرها.
بالإضافة إلى ما ذُكر أعلاه، أشارت المُستشرِقة بيري في ختام تقريرها إلى أنّه ثمة موضوعٍ آخر من الجانب السعوديّ:
ستكون هذه الخطوة، السماح علنًا للإسرائيليين بزيارة المملكة، صفعةً رنانّةً للإيرانيين، فالسعوديون لم ينسوا بعد الضربة المُحكَمَة والضرر الجسيم الذي ألحقه الحرس الثوري الإيرانيّ بمنشآت النفط بأرامكو، في الرابع عشر من شهر أيلول (سبتمبر) من العام الماضي، وقد بدأت إيران تهاجم بشدة “العلاقات الجديدة”، دون أنْ تذكر الأسماء الصريحة، إذْ إنّ السعوديين يعلنون رسميًا بأنّه لا توجد اتصالات “مع الصهاينة”، ولكن الكلّ يعرِف أنّ بيان وزير الداخلية الإسرائيليّ درعي لم يأتِ دون تنسيقٍ مُسبقٍ، وينتظرون ليروا، وعلى نحوٍ خاصٍّ، الإيرانيون، ماذا سيحصل الآن، كما أكّدت المُستشرِقة بيري، نقلاً عن المصادر واسعة الاطلاع في تل أبيب.
صحيفة راي اليوم الالكترونية