إسرائيل: خلق التواصل البريّ على الحدود السوريّة-العراقيّة بتأثيرٍ إيرانيٍّ سيُغيّر الميزان الاستراتيجيّ بالشرق الأوسط

في إطار الإستراتيجيّة الإسرائيليّة بإضعاف الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران ومحور المُقاومة الذي يضم أيضًا سوريّة وحزب الله، تُواكب الدولة العبريّة جميع التحرّكات والمُستجدات في منطقة الشرق الأوسط، خشيةً من تمدد النفوذ الإيرانيّ في المنطقة، كما تزعم المصادر الأمنيّة في تل أبيب.

وهذه الإستراتيجيّة تتساوق مع مصالح ما يُطلق عليها إسرائيليًا وأمريكيًا بالدول السُنيّة المُعتدلة، وفي مقدّمتها المملكة العربيّة السعوديّة، والتوجّس من طهران هو الذي دفع الرئيس الأمريكيّ الجديد دونالد ترامب إلى الإعلام ولو بشكل تلميح عن نيتّه إقامة ناتو شرق أوسطي لصدّ التمدّد الإيرانيّ، واصفًا هذه الدولة الإسلاميّة بأنّها مصدر الإرهاب في المنطقة.

في هذا السياق رأى المُحلل للشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس)، عاموس هارئيل، نقلاً عن مصادر أمنيّةٍ واسعة الاطلاع في تل أبيب، رأى أنّ التطور الاستراتيجي الأكثر أهمية في الشرق الأوسط، خلال الفترة الحالية، لا يرتبط بقرار ترامب المتوقع مسبقًا، عدم نقل السفارة الأمريكيّة من تل أبيب إلى القدس، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ الجهات الاستخبارية في إسرائيل والمنطقة، تتعقب في هذه الفترة بالذات ما يحدث على طول الحدود السوريّة والعراقيّة، كما أكّدت المصادر الأمنيّة بتل أبيب.

وتابع المُحلل الإسرائيليّ، صاحب الباع الطويل في المنظومة الأمنيّة في تل أبيب، تابع قائلاً إنّه في هذين البلدين تتحرك نحو الحدود ما أسماها “ميليشيات شيعية” تدعمها إيران. وإذا نجحت بالتواصل معًا عبر طرفي الحدود وإنشاء منطقة سيطرة نشطة، فسيتم تحقيق طموح إيران، أيْ إقامة نوع من الممر البري الذي يسمح لإيران بتحريك قوات ومعدات حربية وقوافل تموين بشكلٍ حرٍّ من طهران، مرورًا بالعراق إلى “نظام الأسد” في سورية، بل ومن هناك غربًا إلى حزب الله في لبنان، على حدّ قوله.

وتابع هارئيل قائلاً، نقلاً عن المصادر عينها، إنّ هذا التواصل البري سيأتي استمرارًا للإنجاز الذي سجله المحور الذي تقوده إيران في المنطقة، بفضل التدخل الروسي لصالح الأسد في الحرب الأهليّة السورية، على حدّ تعبيره.

وشدّدّت المصادر الأمنيّة في تل أبيب، كما أفاد المحلل هارئيل، على أنّ إبعاد “داعش” عن الحدود سيسمح لـ “الميليشيات” المرتبطة بطهران بالسيطرة على مناطق إستراتيجية في المنطقة الصحراوية إلى الغرب من الموصل، على مقربة من الحدود السوريّة.

وساق هارئيل قائلاً نقلاً عن حجاي تسورئيل، المدير العام لوزارة شؤون الاستخبارات، قوله في حديث لصحيفة “هآرتس″، إنّ الحدود السوريّة-العراقيّة، هي حالياً المكان الأكثر أهمية في المنطقة. وأضاف تسورئيل الذي شغل في السابق منصب رئيس قسم الأبحاث في “الموساد”، أنّ خلق التواصل البريّ بتأثيرٍ إيرانيٍّ سيُغيّر الميزان الاستراتيجي في الشرق الأوسط. وحسب أقواله فإنّ إيران، بمساعدة “الميليشيات” الشيعية والتعاون مع قوات أخرى، تواصل القيام بخطوات هدفها توثيق سيطرتها على سورية، على حد زعمه.

واعتبرت المصادر الإسرائيليّة، كما أكّد المُحلل هارئيل أنّ وقوف نظام الأسد، بفضل الدعم العسكريّ الروسيّ، والى جانب ذلك “السيرك” الإعلاميّ اليوميّ الذي يخلقه من حوله الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب، قلّص إلى حدٍّ ما التغطية الإعلاميّة لما يحدث في سورية، وفق تعبيره، واستدرك قائلاً: لكنّ سورية بقيت حلبة المواجهة الرئيسية، الملعب الرئيسي الذي يجري عليه صراع القوى بين القوى العظمى وعليه يجري توقيع تحالفات مؤقتة او طويلة المدى.

وخلُص المُحلل إلى القول إنّ إسرائيل تقوم بتكريس غالبية الاهتمام لمنطقة جنوب سوريّة، لكنّه يبدو أنّه إلى الشرق من هناك، على حدود سورية والعراق، في منطقة قد تؤثر على الأردن، يتشكّل واقعًا ستكون له آثار أوسع ويمكن أنْ يؤثر على المنطقة كلّها خلال السنوات القريبة. في هذه الأثناء، على الأقل، تملي إيران الواقع الجديد، بينما تنظر الإطراف الأخرى من بعيد وتحاول صياغة استنتاجاتها، كما أكّد.

إلى ذلك، أجرت صحيفة “اسرائيل هيوم” مقابلة مع موشيه أرنس الذي شغل مناصب كثيرة ورفيعة في الحكومات الإسرائيلية السابقة أبرزها وزير الأمن. وخلال المقابلة سُئل أرنس عن أكبر تحدٍّ أمنيٍّ يواجه إسرائيل اليوم، فأجاب قائلًا إنّ ما يواجهنا منذ زمن هو تهديد صواريخ حزب الله في لبنان، التي بإمكانها أن تسبب ضررًا كبيرًا إذا تم إطلاقها نحونا، وأضاف: لا يمكن إدخال ملايين المواطنين تحت الأرض والدفاع عن منطقتي عزرائيلي وتل أبيب، إذا تمّ إطلاق عشرات آلاف الصواريخ يمكن للضرر أنْ يكون ضخمًا، أكّد آرنس.

وتابع وزير الأمن الأسبق قائلاً إنّه يجب ضمان سلامة مواطني إسرائيل وعدم تركهم مكشوفين، لافتًا إلى أنّ انسحاب إيهود باراك من لبنان في أيّار (مايو) من العام 2000 عرّض قسمًا كبيرًا من إسرائيل لتهديد الصواريخ. واختتم قائلاً: اليوم يواجه هذا الخطر كل مواطن في إسرائيل من منطقة دان في الشمال وحتى إيلات في الجنوب، ويجب ضمان عدم تحقق هذا الخطر، بحسب قوله.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى