إلى أين نحن ذاهبون ؟
يبدو لي ، ولكثيرين غيري أن سوريا التي عرفناها و عشنا في أحضانها ، وأحببناها كوطن عزيز علينا ، مرشحة بعد الأحداث التي ما تزال تلاحقها حتى الأن أن تتغير جغرافيا ، و بالتالي سياسيا لأسباب قاهرة ما تزال أخطارها تعلن عن وجودها بالرغم مما يقال عن إنتهاء الحرب المريرة التي نشبت في البلاد منذ ثماني سنوات ، و ذلك لأن السلام لم يبسط سلطانه تماما حتى الآن ذلك أن روسيا والولايات المتحدة الامريكية وتركيا وإيران ما زال لهذه الدول قوات عسكرية تتدخل وتبسط نفوذها بشكل أو بآخرعلى مناطق سورية في جهات البلاد الأربع .
وإذا أضفنا إلى هذا الخطر ما تصنعه حتى الآن ” داعش ” هنا أوهناك من إقتحامات مفاجئة مثل التي شنتها في محافظة السويداء وريف دير الزور ، و حين ظهرت بغتة قوى خفية في ريف حماة أو حلب من حين لآخر. صحيح أنها محاولات محدودة قصيرة الأجل و لكنها – كما يبدو – لم تنسحب قواتها إلى مخابئ إلا بانتظار فرصة أخرى، وإذا أضفنا إلى ذلك ما يدور الآن في محافظة الحسكة من إستقرار عسكري وسياسي يرفع فيه كما قيل العلم الوطني السوري القديم إضافة للعلم السوري الراهن ، ثم ما يجري في محافظة إدلب و حولها من معارك متقطعة ، ولكنها منذرة بأخطار حرب أخرى ، ثم ماذا يجري حول الدستور الجديد الذي يجب أن يوافق عليه نظام الحكم القائم و ممثلو هيئة الأمم المتحدة المشرفين على الموضوع .
ماذا يعني كل هذا ؟؟ .. لا شك – كما يبدو أيضا – أن الوطن الذي تعودنا عليه لن يبقى هو نفسه جغرافيا على الأقل. ومن هنا يبرز هذا المصير الموجع الذي توحي به تغيرات كبرى ستطرأ بأكملها على سوريا، وهكذا يبدو لأي كاتب أو مفكر سؤال لا مهرب من طرحه : هل كانت هذه الأحداث العربية كلها تستحق أن تسمى بإسم ” الربيع العربي” ؟؟ أم أنها كانت مقدمة لصيف قائظ محرق سوف يطيح بكل المقومات الوطنية والأخلاقية المناسبة للإعتراف بإسرائيل كما صنعت مصر و الأردن ؟!
مهما كان تفسيرنا لما حدث صحيحا، أو خاطئا ، فمما لا ريب فيه أن متاعبنا كمواطنين سوريين ، مهاجرين أو مقيمين ما تزال تنذر بأخطار جديدة فادحة لا مفر من وقوعها ما دامت الدول الكبرى موافقة عليها للتخلص نهائيا من سوريا الوطنية الرافضة للاعتراف بإسرائيل !…