إلى غسان تويني: لم يدفنوا الثأر و الحقد !!
خاص باب الشرق
يتذكر اللبنانيون والعرب غسان تويني في ذكرى وفاته التي تصادف هذا الأسيوع. و مهما أختلفت أو تناقضت مع تويني سياسياً فإنك لا يمكن إلا أن تقر بعظمة ما فعله عندما وقف في كنيسة مارجيورجس، في قداس ابنه جبران الذي قضى إغتيالاً، حيث أعلن أمام جثمان ابنه، مخاطباً لبنان والعرب: ( فلندفن الثأر والحقد ) . . . كم من القوة والشجاعة والبصيرة كانت في ضمير هذا الرجل، الذي طلب من الكل، إعتبار إغتيال ابنه مناسبة لتجاوز الثأر والحقد، و الإنطلاق إلى التعاون والتنافس لتعميق الحرية والحياة .
غسان تويني، الذي ظل الصحفي الشغوف بالكلمة والحقيقة، والمسكون بحرية وإستقلال بلده، ورغم المناصب الوزارية والدبلوماسية التي تقلدها، ظل الصحفي الذي لا يعلي على ( مجد الصحافة) أي منصب أو مركز. لذلك ظلت قاعة التحرير في جريدة النهار الرحم الذي استمر ينمو ويكبر فيه حتى وفاته. وأينما كان وفي أي منصب شغل، ظلت الحقيقة والكلمة والحرية شاغله ومحركه, وبذلك شكل تويني تجربة أحضرت الدراسة في هارفرد، والعمل في النهار وإيمانه بفكر الحزب القومي السوري، و كل التحصيل السياسي والفكري والفلسفي، أحضر كل ذلك إلى الصحافة لخدمة صاحبة الجلالة هذه. فهل نتعلم من تجربته في الإرتفاء بالصحافة؟ أم نبقي الخلاف السياسي معه مانعاً من الاستفادة من مهنيته وشغفه والتزامه وعمق رؤيته وآفاقه الإنسانية ؟؟
في ذكرى غسان تويني نقول له: لم يفهم أحد ما قلته أمام جثمان ابنك، ولم يدفن أحد الثأر والحقد بل أستمروا يعتمدونهما في السياسة، والإحتراب، وظلوا يشحنون الطوائف والأحزاب والعصبيات, بالثأر والحقد. لذلك ترانا في أسوأ حال ، فالثأر والحقد، أداما عملية تدمير لبنان بالإقتصاد, إستكمالاً للحرب الأهلية. كما أشعل الثأر والحقد الحرب الإرهابية في سورية. كذلك كان للثأر والحقد فعل المرجعية في طمع الكثيرين بالسلطة والحكم. وهذا يا سيدي، ليس حال سورية ولبنان فقط، بل أشتعل أيضاً في العراق وليبيا واليمن والسودان ومصر وتونس. وكما ترى، و بدلاً من أن يتمثلوا بك، بالترفع عن الجراح الشخصية، وإعلان دفن الثأر والحقد، ظلت الشخصانية والمطامع الشخصية تحكم و تتحكم بالكل، وتدفعهم لتأجيج الثأر والحقد بما يديم إحتراقنا بكل نار ..
اليوم العرب كل العرب، من لبنان إلى سورية، إلى مصر إلى العراق إلى اليمن إلى إلى إلى يشعرون أن الثأر والحقد تحالفا مع أعداء الأمة كي يكسروا ما طرحته في الأمم المتحدة عندما قلت ( أتركوا شعبي يعيش) . . . لم يتركونا، وساعدناهم ألا يتركونا. وهم مستمرون أيها الغائب الحاضر في منعنا من العيش، حتى العيش، عيشنا البسيط يعتدون عليه، بعدما دمروا أوطاننا و بلادنا و يريدون تدمير أحلامنا.
في ذكراه نطلب الرحمة والراحة لنفس غسان تويني، لأننا متأكدون أنه في عالمه السماوي يطلب الرحمة لنا و يسأل الله أن يتركوننا نعيش في أوطاننا ومعها..
باب الشرق