ارتفاع التضخم ينسف المقدرة الشرائية للأتراك

بيانات معهد الإحصاء تكشف عن زيادات حادة في أسعار المواد الغذائية والإسكان والتعليم.
قفز معدل التضخم السنوي في تركيا إلى 33.29 بالمئة في سبتمبر/أيلول، وهو أعلى بكثير من التقديرات، مما يعزز التوقعات بأن البنك المركزي قد يحتاج إلى إبطاء دورة التيسير النقدي لمعالجة ضغوط الأسعار المستعصية، فيما يبدو أن السياسة المالية الجديدة التي انتهجها الرئيس رجب طيب أردوغان لم تثبت جدواها.
ويؤدي التضخم المرتفع إلى انخفاض حاد في القيمة الشرائية لليرة، مما يؤثر سلبًا على مستوى معيشة الأتراك، خاصة أصحاب الدخل الثابت والمحدود، كما يخلق حالة من عدم اليقين، مما يجعل التعاملات الاقتصادية أكثر صعوبة للمستهلكين والشركات.
ووفقا لبيانات معهد الإحصاء التركي فقد جاء ارتفاع التضخم مدفوعا بزيادات حادة في أسعار المواد الغذائية والإسكان والتعليم. وشهد الشهر الماضي أول ارتفاع في المعدل السنوي منذ الذروة التي بلغت 75.4 بالمئة في مايو/أيار من العام الماضي.
وبلغ معدل التضخم الشهري 3.23 بالمئة في سبتمبر/أيلول. وتجاوزت النسبة التوقعات في استطلاع أجرته وكالة رويترز عند 2.6 بالمئة للمعدل الشهري و32.5 بالمئة للسنوي.
وكان التضخم في أغسطس/آب 2.04 بالمئة في حين بلغ المعدل السنوي 32.95 بالمئة. وخفض البنك المركزي أسعار الفائدة 250 نقطة أساس إلى 40.5 بالمئة الشهر الماضي، وأشار إلى أنه قد يبطئ من وتيرة التيسير النقدي اعتمادا على ديناميكيات التضخم. وكان البنك خفض الفائدة 300 نقطة أساس في يوليو/تموز.
وكتب تيم آش من شركة بلوباي لإدارة الأصول عبر إكس “أخشى أن البيانات تشير إلى أن البنك المركزي كان مخطئا في الخفض الشديد والمبكر، وفقدوا الآن جانبا من مصداقيتهم التي أعادوا بناءها بشق الأنفس”.
وأدى ارتفاع تكاليف المعيشة وتآكل قيمة الأجور والمدخرات إلى زيادة مستويات الفقر بين الأتراك، فيما أصبح العديد منهم يعانون للحصول على أساسيات الحياة، مثل الاضطرار إلى الاصطفاف للحصول على خبز مدعوم أو الاعتماد على مطاعم بلدية مدعومة للحصول على وجبات طعام زهيدة الثمن.
وتُرجع العديد من التحليلات الاقتصادية جزءاً كبيراً من أزمة التضخم في تركيا إلى سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان الاقتصادية غير التقليدية في فترات سابقة والتي ركزت على خفض أسعار الفائدة، بحجة تحفيز النمو الاقتصادي، وزيادة الصادرات، من خلال انخفاض قيمة الليرة، وتشجيع الاستثمار، مع إضفاء بعد ديني على موقفه من الفائدة.
ورأت المعارضة والعديد من الاقتصاديين في هذه السياسة انتهاكاً لقواعد الاقتصاد وتسبباً في فوضى في سوق الصرف وزيادة في التضخم.
وبالإضافة إلى السياسات النقدية، ساهمت عوامل أخرى في ارتفاع التضخم، مثل ارتفاع أسعار الطاقة العالمية، وتأثير جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية.
وبعد الانتخابات الأخيرة، تحولت الحكومة التركية إلى النهج التقليدي في محاولة لمكافحة التضخم، من خلال تعيين فريق اقتصادي جديد ورفع أسعار الفائدة بشكل حاد، في خطوة تهدف إلى السيطرة على التضخم واستعادة استقرار الأسعار، على الرغم من أن الخبراء يرون أن تحقيق نتائج ملموسة يتطلب وقتا وجهدا كبيرين.
ميدل إيست أونلاين