الأزمنة 16
22 أيار/ مايو 2019
منذ فترة… ارتجفت يدي وأنا أكتب.
كنت أفكر بمشروع تفريغ لذاكرتي المزدحمة، خوفاً من أن تأتي ممحاة الزمن الضخمة وتقضي عليها.
اشتريت الدفاتر والأقلام، ولكن من أول جلسة كتابة…
ارتجفت يدي
وأنا اتفهّم هذه اليد…
فلقد كنا معاً زمناً طويلاً.
تأملتها وحاولت أن أتعرف على مفتاح جملتها الاعتراضية على سرد الزمن…
الزمن المهول الطويل الذي أصبح كله ماضياً.
تأملت أصابعها الخمسة، وحدقت بثلاثي الإمساك بالقلم…
اليد التي تحمل سلاحاً، ولم تتلطخ بدم…
اليد… آمرة الكلمات الملتبسة بين الخوف وبين الشجاعة .
حاملة الزهور إلى القبور.
رافعة الأواني إلى عشاء أخير.
سيدة المصافحات النظيفة
المبشرة دوماً بفضيلة اللمس.
اليد التي لوّحت لمهاجرين لم يعودوا.
التي زرعت صنوبرة تسابق، حتى الان،
الريح في الصعود إلى سماء الابتهالات.
هذه اليد…
سكرتيرة الليل الطويل…
تعرف كل الأسرار…
ولهذا…
ارتبكت
وارتجفت
حمايةً للمهنة المبجلة النبيلة الأخيرة…
مهنة…الصمت النبيل!
1 حزيران/ يونيو 2019
في حرب حزيران 1967 كنت طالباً في كلية الآداب، جامعة دمشق.
حملت بندقية وتمركزنا في غوطة دمشق أنا وطالب الطب سليم حاتم ، الذي أصبح طبيب قلب ومات بالسكتة.
كانت المهمة اصطياد المظليين الإسرائيليين.
انتهت الحرب ولم يأت أحد. لم نطلق رصاصة على أحد.
عدت على البيت…
وفي المرآة أطلقت رصاصة عليّ.
وكتبت: الهزائم عند العرب… مهنة!
9 حزيران 2019
بمناسبة يوم مولدي 10 حزيران:
قال غزال لكلب يطارده:
إنك لن تلحقني.
فأنا أعدو لنفسي
وأنت تعدو لسيدك.
26 حزيران/ يونيو 2019
تذكرت فجأة، بعد خمسين سنة، وانا أمرّ أمام كهف في قريتنا… أنني دفنت قطعة حجر أبيض، وقد كتبت عليها هذه الجملة: “هناك شيء اسمه حب في مكان ما من هذا العالم”.
كان الخط ما يزال واضحاً وجلياً… في الذاكرة !