الأسماك تتشاءم أيضا من الخيبات العاطفية

 

خلص باحثون إلى أن نوعا من الأسماك المدارية يظهر تغيرا سلوكيا في حالات الفراق عن الشريك يشبه تفاعل البشر في أوضاع كهذه، بالاستناد إلى تجربة تتيح قياس مستوى “التشاؤم” لدى الحيوان. والبُلطية المرقطة التي تعرف علميا باسم “اماتيليانا سيكيا” هي سمكة تعتمد شريكا واحدا وتشكل ثنائيات مستقرة وطويلة الأمد. ويبني الشريكان عشا ويهتمان بشكل منسق بالبيوض وتربية البلاعيط.

وقال فرنسوا-كزافييه دوشوم-مونشارمون الأستاذ في سلوكيات الحيوانات في جامعة بورغونيه في ديجون (فرنسا) “للوقوف على الوضع العاطفي لهذه الأسماك بطريقة موضوعية من دون إسناد خصائص بشرية في التحليل، لجأنا إلى اختبار الانحياز المعرفي”.

وبفضل هذا الاختبار الذي استخدم للمرة الأولى على أسماك، توصل الباحثون إلى أن الأنثى عندما تكون منفصلة عن شريكها تصبح “متشائمة”.

وقال دوشوم-مونشارمون أحد معدي الدراسة التي نشرت الأربعاء في مجلة “بروسيدينغز أوف ذي رويال سوساييتي بي”، “هذا أول دليل على وجود تعلق عاطفي بالشريك لدى نوع آخر غير النوع البشري”.

وأوضح هذا الباحث في المعهد الوطني الفرنسي للبحث العلمي الذي يعمل منذ عشر سنوات تقريبا على هذا النوع من الأسماك، أن التعلق العاطفي لدى الطيور وهي تكتفي عادة بشريك واحد خلافا للأسماك عموما، لم يُدرس بعد.

ولإجراء التجربة، لقن علماء الأحياء الأسماك فتح علب صغيرة برفع الغطاء بفمها.

ومن ثم علموها التمييز بين العلب التي تحوي دودة شهية والعلب الخالية بفضل لون الغطاء (أبيض او أسود). ووضعت العلب على يسار الحوض أو يمينه.

وفي حين كانت الأسماك تسرع باتجاه العلبة التي تحوي الدودة كانت تنتظر دقائق قبل فتح العلبة الخالية.

وبدأ الاختبار عندما اقترح عليهم العلماء “علبة مبهمة” مع غطاء رمادي وهو لون وسيط بين الأبيض والأسود. وقال الباحث “الأسماك المتفائلة ستظن أنها تحوي الطعام وسترفع الغطاء بسرعة نسبيا. أما المتشائمة منها فستظن أنها خالية وستتقدم ببطء نحوها”.

ومن أجل اختبار التعلق العاطفي لهذه الحيوانات فصل العلماء بعد ذلك بين الأزواج. وأوضح العالم “تبين لنا أن هذا الأمر يزيد من تشاؤم الأنثى” وبسرعة كبيرة. فكانت الأنثى تحتاج إلى وقت أطول بكثير للاهتمام بالعلبة ذات الغطاء الرمادي مقارنة مع سرعتها عندما يكون شريكها موجودا في الحوض.

وبعد 48 ساعة وضع الذكر مجددا في الحوض الذي تتواجد فيه شريكته من أجل الحفاظ على رفاه الأسماك. وأجرى الفريق بعد ذلك الاختبار نفسه على الذكور. وكانت النتائج الأولى مماثلة.

وكان فريق الباحثين يريد معرفة مدة خيبة الأمل العاطفية لدى هذه الأسماك الصغيرة التي تعيش في المياه العذبة خصوصا في أميركا الوسطى. لكن العالم قال “علينا في هذه الحالة فصل الأزواج لفترة طويلة وهذا يطرح مشاكل أخلاقية”.

وإلى جانب تعلقها العاطفي، تبدر عن هذه السمكة أيضا طباع حادة فهي حريصة على الدفاع عن منطقتها ولا تحبذ كثيرا اقتراب أنواع أخرى عندما يكون حوضها صغيرا وتعادي الصيد العشوائي.وتعاني الثروة السمكية حاليا من عدة أخطار تحدق بها.

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى