الامتحانات قاب قوسين : الدروس الخصوصية بدأت!
خاص
اجتاحت المجتمع السوري منذ سنوات، تعود لماقبل الحرب، ظاهرة غريبة جدا تتعلق بالدروس الخصوصية، وهي دروس تعطى في بيت الطالب مقابل مبالغ تتجاوز أحيانا راتب المدرس نفسه..
ويعود الأمر على وجه التحديد إلى أهمية الانتقال من المرحلة الثانوية إلى الجامعة، أي ((الحصول على الشهادة الثانوية))، وما يعنيه ذلك على صعيد تحديد المستقبل المهني أو الوظيفي للطالب الذي يليق بطموحه وطموح أسرته، وقد أطلقت قضية معدلات القبول موجة الدروس الخصوصية على أوسع مدى في الحياة العامة ، وهي موجة تأخذ أقصى ارتفاع لها مع اقتراب موعد الامتحانات السنوية في مطلع حزيران.
وبشكل عام يعتقد السوريون، أن عليهم تأمين كل المستلزمات التي تهيء للطالب الذي يقدم امتحانات الشهادة الثانوية ظروفا تمكنه من تحقيق العلامات اللازمة للقبول في الفرع الجامعي الذي يحتاجه، وغالبا ماتجد الأسرة نفسها بحاجة للاستعانة بالدروس الخصوصية ..
فماهي أجواء الدروس الخصوصية ؟ وكيف غدت حالها مع الحرب ؟
أحد المدرسين الخصوصيين في مدينة حلب شرح المسألة على نحو يبين فيه أن دخل المدرس الخصوصي من طالب واحد قد يوازي دخل المدرس في سنة كاملة من الدولة وكشف هذا المدرس عن وجود أكثر من شكل للدروس الخصوصية كانت موجودة قبل الحرب ولاتزال، من بينها أن مدرس مادة محددة كالرياضيات مثلا يتكفل بأن يحقق الطالب العلامة التامة مقابل أن يتولى هو تقديم الدروس الخصوصية من مطلع السنة الدراسية وإلى ماقبل الامتحان، وفي هذه الحالة يتقاضى مبلغا مقطوعا كان يحسب قبل الحرب بمئات الآلاف من الليرات السورية..
أما الطريقة الأقل كلفة فتستند إلى مجموعة دروس مكثفة تبدأ قبل الامتحانات بفترة قصيرة كما هو الحال الآن، وتصل قيمة الدرس الخصوصي الواحد عند الأساتذة الشهورين إلى خمسة آلاف ليرة للدرس الواحد ، وربما أكثر .
لماذا شاعت الدروس الخصوصية في سورية، وقد عرفت مدارسها بتقديم أفضل المدرسين في السنوات الخمسين التي مرت ؟
الناس تقول إن هذه الفرضية تراجعت ، وأن مستوى التدريس في المدارس انخفض في وقت ارتفعت فيه معدلات القبول في الجامعات لتصل إلى العلامة التامة لدخول فرع كالطب البشري مثلا .
ومع ظهور الجامعات الخاصة برزت معطيات جديدة تتعامل مع المسألة من خلال عملية حسابية بسيطة تقول : إن الجامعة الخاصة تحتاج إلى مليون ليرة لقبول الطالب في الفرع الذي يريده، والأفضل في هذه الحالة دفع عدة مئات من الألوف على الدروس الخصوصية للحصول على معدل القبول .
والمشكلة في أساسها هي الاستيعاب الجامعي، فزيادة عدد السكان قلل الفرص إلى حد كبير أمام خيارات الطلاب ورغباتهم، ناهيك عن تكاليف الدراسة في جامعات غير سورية خارج البلاد .