استعادت «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد)، السيطرة على بلدتَي ذيبان والطيانة في ريف دير الزور الشرقي، بعد ساعات من تمكّن مقاتلي «جيش العشائر» من دخول البلدتين والسيطرة على أجزاء واسعة منهما، وذلك بعد إعلان شيخ قبيلة العكيدات، إبراهيم الهفل، «بدء هجوم لجيش العشائر على مواقع ومقرّات قسد». وعلى رغم نجاح مقاتلي العشائر بالسيطرة السريعة على مقرات «قسد» المحصّنة في البلدتين المذكورتين، وفتح جبهات باتجاه بقية قرى الريف الشرقي في غرانيج ودرنج، إلا أن استقدام «قسد» لتعزيزات عسكرية ضخمة، بالإضافة إلى الدور الأميركي المساند لها، أجبرا العشائر على الانسحاب من المنطقة.
وفي التفاصيل، استدعت «قسد» قوات من الحسكة وريفها، بالإضافة إلى استقدام تعزيزات من الريفين الغربي والشمالي لدير الزور، لإنهاء الخرق الذي أحدثه المقاتلون العشائريون في ريف دير الزور الشرقي. ولم تقتصر تعزيزات «قسد» على استدعاء القوات من مناطق أخرى، بل سارعت مجدّداً إلى اتهام العشائر، بتلقّي الدعم والإمداد من مناطق سيطرة الحكومة السورية وإيران، لكسب تعاطف «التحالف» الدولي، والحصول على دعمه اللوجستي على الأقل في التصدي لهجمات هؤلاء من خلال الرصد والاستطلاع عبر الطيران المُسيّر. وبالفعل، نفّذت طائرات مُسيّرة، يُعتقد أنها تابعة لـ«التحالف» الدولي، عدّة غارات على بلدة ذيبان، ما أدّى إلى مقتل وإصابة العديد من المدنيين، مع التضييق على حركة المقاتلين العشائريين، وإجبارهم على التراجع والانسحاب.
في المقابل، رأى المكتب الإعلامي لـ«قوات القبائل والعشائر» أن «ما حدث في بلدة ذيبان، هو رد فعل طبيعي من أبناء القبائل العربية، على جرائم قسد في المنطقة»، مؤكداً أن «العشائر تعتبر قوات قسد قوات احتلال لا يمكن التعايش معها». وإذ قال مكتب «العشائر»، في بيان، إنه «لن يكون هناك استقرار في دير الزور، ما لم تُعَد الحقوق إلى أصحابها، وطرد قيادات جبال قنديل الإرهابية من دير الزور»، أوضح أن «استخدام قسد للأسلحة التي قدّمها التحالف ضد أبناء القبائل، والسماح لها باستخدام القواعد في الميدان، يجعلان التحالف مسؤولاً عن هذه الجرائم». وأضاف البيان أنه «هكذا يصبح التحالف الدولي عدواً لرجال القبائل في المنطقة بدلاً من أن يكون حليفهم، وهذا يفتح الباب أمام روسيا وإيران لهذا الغضب العشائري، ودفع الغاضبين لمهاجمة مصالح التحالف الدولي في المنطقة»، داعياً إلى «ضرورة عدم سماح التحالف لقسد باستخدام أسلحته وقواعده ضد أبناء القبائل العربية».
من جهته، أصدر المركز الإعلامي التابع لـ«قسد» بياناً، قال فيه إن «قواتنا طردت مرتزقة النظام السوري الذين تسلّلوا إلى بلدة ذيبان تحت غطاء من القصف المدفعي من مدينة الميادين في الضفة الغربية لنهر الفرات»، مشيراً إلى تعمّد «قوّات النظام إسناد المرتزقة المتسلّلين والتمهيد لهجماتهم الإجرامية بقصف مدفعي وبقذائف الهاون والأسلحة الثقيلة». ولفت البيان إلى أن «قوّاتنا اتخذت إجراءات أمنية فورية ضرورية لفرض الأمن والاستقرار في المنطقة وسهّلت انتقال المدنيين إلى المناطق الآمنة في القرى المجاورة وضمان سلامتهم، ومنع المسلحين المرتزقة من إقحامهم في هجومهم الإرهابي، إلى أن تمّ طردهم وإعادة الأمن إلى البلدة».
في كل الأحوال، يبدو أن «قسد» استعجلت الحسم في التعامل مع خروقات مقاتلي العشائر، بهدف منع أي تمدّد للمعارك باتجاه بقية قرى الريف الشرقي، وخاصة في قرى الشعيطات التي شارك أبناؤها بشكل لافت في الهجوم الأخير، منعاً لتكرار سيناريو «الهبّة العشائرية» السابقة، والتي سيطرت في خلالها العشائر على كامل الريف الشرقي من الشحيل وحتى الباغوز.
صحيفة الاخبار اللبنانية