التخلف من خلال الامثلة
سألني أحدهم مرة : لماذا يتقدم البلد المحكوم بنظام ديمقراطي أكثر من البلد المحكوم بنظام إستبدادي ؟ فأجبته : الأصح أن نسأل لماذا يتقدم الديمقراطي و يتخلف الإستبدادي ذلك لأن تقدم الاستبدادي أحيانا تقدم مؤقت و غير أصيل .. فقال : ممكن تشرح لي السبب في ذلك بأسلوب بسيط يفهمه الجميع عن طريق الأمثلة ؟ فقلت : حاضر ..إسمعني إذن جيدا يا صاحبي..
لنبدأ بالتعليم في مدارس النظام الاستبدادي ، فالأولاد في المرحلة الابتدائية يتعلمون أخلاقيا النفاق في إظهار تأييدهم لشعارات النظام مع أنهم لا يوافقون عليها داخل أسرهم على الأغلب.. و المعلمون في كل المراحل الدراسة يصرون على أسلوب التلقين أو (( البصم )) – بالعامية – و هو كما نعرف أسلوب لا يهتم إطلاقا بتنشيط ملكة التفكير و الإستنتاج الشخصي بل يرتكز على استخدام الذاكرة فقط مما يؤدي إلى تجميد طاقة العقل المفكر.. فماذا يتعلم هؤلاء سوى محفوظات التكرار الأجوف للمعلومات ؟!
و التجار لا يعلنون عن أرباحهم الحقيقية ، حتى لا يدفعون ضرائب توازيها و يتهربون من ذكر الحقيقة ، بإغراق لجان تفتيش وزارة المالية بالهدايا و الرشاوي فماذا يتعلم الطرفات سوى الكذب و الخداع؟
و أرباب العمل لا يجرؤون على القيام بمشاريع كبرى خشية أن تفرض عليهم السلطة الديكتاتورية شركاء من جماعتها..
و القادرون على الإبتكار و الإختراع لا يتجاسرون على الإعلان عن مواهبهم و إبداعاتهم حتى لا تصادرها السلطة و تسخرها لمصالحها الخاصة ..
و المثقفون عموما و على الأخص أصحاب المواهب الفنية لا يتجاسرون على التعبير عن الواقع الرديء إلا بأساليب غامضة لا يفهمها الكثيرون و قس على ذلك ..
باختصار شديد يا عزيزي يجب أن نفهم أن التقدم عملية لا يصنعها العلماء ، ورجال الصناعة و الأعمال الكبرى ، بل سكان أي بلد جميعا مسؤولون عن عملية التقدم و مساهمون فيها بشكل مباشر أو غير مباشر ، إذ يشجعون عليها و يقدمون لها عناصرها البشرية الموهوبة و يحمون مشاريعها بالدعاوة لها و التبرعات لخدمتها ، و بهذا المعني فإن عملية التقدم لا تنشط بكل مزاياها و أبعادها إلا في ظل الأنظمة التي توفر مناخ الحرية و الطمأنينة و الحقوق العامة للفرد و للجماعات في العمل دونما خوف من تدخل عملاء السلطة لتعطيلها أو سرقة مشروعها أو فرض المشاركة في أرباحها ..
قلت هذا و أكثر من هذا و ختمت كلامي بقولي :
مفهوم يا صاحبي أو لازم نعيد الشرح من جديد .. و الأن مارأيك أنت في الموضوع ؟ أنا كلي آذان صاغية …