التصعيد السعودي اللبناني : هل يعرقل التسوية الإقليمية أم يستعجلها ؟؟!
أربك التصعيد السعودي – اللبناني المتفائلون بحلول متوقعة للمنطقة رغم أنه لم يكن إلا ذروة من ذرى سياق صراعي واضح و مستمر منذ سنوات بين إيران و حزب الله من جهة و بين السعودية و الخليج من جهة أخرى . فما الذي أطلق هذا التصعيد الآن ؟؟ و ما تأثيره على التسوية الإقليمية الشاملة ؟ ؟ هل يعطلها أم يستعجلها ؟؟؟!
يرى البعض أن الإدارة السعودية ألتقطت مستجدات النشاط الإيراني وخاصة ما يتعلق بفاعلية حزب الله في الإقليم . ووجدت السعودية أن هذه المستجدات تحمل تصعيداً للمخاطر التي تهددها فجعلها تسارع إلى فتح المواجهة الدبلوماسية والإقتصادية المؤلمة للبنان كله ليضغط على حزب الله ومن يشاركه أو يغطيه . فما هي هذه المخاطر التي دفعت السعودية للمبادرة بالتصعيد ؟؟ هل صحيح أن مآل مأرب في اليمن ، و دور حزب الله فيها جعل صبرها ينفذ ؟؟ أم أن الرياض أستشعرت إحتمال وصول واشنطن و طهران إلى إتفاق حول البرنامج النووي يتضمن توزيعاً أو تقاسماً للنفوذ في المنطقة تكسب فيه إيران على حساب نفوذ المملكة و الخليج ؟؟ و هل يمكن أن يكون كل ذلك مولداً لنظام إقليمي تهيمن فيه إيران على المنطقة العربية ، مع حفظ أميركا لحق تركيا و إسرائيل بما يهمش دور و نفوذ المملكة و ما تمثله من أغلبية عربية تعتبر أنها تمثلها ؟؟ ضمن ما يراه البعض ( تحالف الأقليات ) في منع الأغلبية العربية من إدارة و حكم المنطقة مع ما يرافقها من طرح الصراع على الهوية و إعادة تعريف للعروبة في مواجهة هويات تنكر تجذر الهوية العربية في المنطقة . و تحول الوجهة إلى عناوين هوياتية، وأقوامية أو سياسوية تسهم في إزاحة العروبة أو الإستحواذ عليها بما يغير محتواها ؟؟
لجأت الحكومة اللبنانية عبر رئيسها نجيب ميقاتي إلى الإ ستنجاد بالأميركان والفرنسيين للمساعدة على حل الأزمة . وحتماً فإن أي حل يأتي من واشنطن أو باريس سيسعى إلى ضبط و تنظيم إنهيار لبنان بما تبقيه دولة فاشلة تخضع لطلبات أميركا و فرنسا، سواء في ترسيم الحدود البحرية أو في مشاريع الكهرباء وإعادة بناء المرفأ وغيرها . أي لن تكون النتيجة الدائمة للمساعي الأميركية و الفرنسية منقذة للبنان و مستدامة الحل بين السعودية و لبنان . . و يرى كثيرون أن سورية، و بعد أن أستعادت إستقرارها، فإنها تمتلك إمكانية لإنجاز حل لهذه الأزمة . و بفعل علاقتها الوثيقة مع إيران من جهة ، و بواقع قطعها مسافة جيدة على طريق إستعادة العلاقات الطبيعية مع الخليج عامة و السعودية خاصة . و بفعل هذه الفعالية بين إيران و السعودية، تكون سورية هي المؤهلة لإنجاز حل يجنب لبنان أوجاع الإجراءات الخليجية و السعودية، ويطمئن السعودية والخليج من مخاطر النشاط الإيراني في المنطقة . و كان لسورية تجارب ناجحة سابقاً في هذا الإطار، واليوم، و بعد التصرف العقلاني سياسياً و إعلامياً تجاه هذه الأزمة في الأيام الماضية ، يمكن لدمشق أن تملك رؤية لحل الأزمة لا تسعى عبرها إلى نتائج سحرية لأن دمشق تعي جيداً أن السياسة لا تعمل بالحلول السحرية إنما تعمل هذه الرؤية السورية إلى ( حل واقعي ) لا يقوم على إنهاء الصراع بين إيران والسعودية فوراً، بل على تنظيمه في إطار نظام يضمن مصالح واستقرار كل أطراف المنطقة و لو بالحدود المعقولة ليكون هذا ( التنظيم للصراع ) بوابة طريق لمساع و حوار إيراني سعودي يوصل إلى تفاهم يترجم بسلام و تعاون يقوم على الإحترام المتبادل . و هكذا، تسهم سورية بإستقرار المنطقة و حفظ تحالفاتها مع إستعادة تطبيع علاقاتها بالسعودية والخليج، خاصة وأن عروبة الشام قلب الأمة العربية بمعناها الحضاري الجامع و المنفتح و المتنور . و هذا ما يضمن للعرب مكانتهم و دورهم في التسوية الإقليمية الشاملة ، و تصبح الأزمة بين لبنان والسعودية فرصة لكليهما و للعرب ولسورية وللمنطقة وللتسوية الإقليمية الشاملة التي ربما تستعجلها بدلاً من أن تعرقلها.