التـعصـب
ما أبشع هذه الكلمة …
يبدأ تعصبنا من عند أظافرنا فإلى أصابعنا فإلى لحم أبداننا فإلى ما يضمه البدن من مشاعر و أفكار و ما أستكان إليه الإنسان من عادات بالية و تقاليد تافهة ، فكل فرد منا هو مركز الأشياء التي تحيط به و الأحياء الذين يعاشرونهم . و من عنده تتجلى الحقائق و لا تحتجب عنه إلا حين يحتكرها الآخرون ف”الانا” هي الأقرب إلى الصواب و ” الأخر ” هو الأقرب إلى الخطأ و لا تضعف هذه ” الأنا ” إلا إذا أصابتها عقدة النقص و ما يتولد عنه من أمراض نفسية.
فإذا تركنا الأنا إلى ما يتصل بها من أشخاص و أشياء إصطدمنا بالتعصب للأسرة و للنادي الرياضي و الحزب السياسي و المدينة التي ننتمي إليها، هكذا يغدو التحيز لكل ما يتصل بنا شخصياً هو الأجمل و الأفضل و إن لا فلماذا هذا الصياح العدائي ضد الجمهور الذي يساند في الملاعب الرياضية الفريق الذي ينافسنا في المباريات المختلفة و فيم هذه الحروب المريعة التي تندلع بين الدول و الشعوب لو لم يكن التعصب للمصالح الخاصة وراء كل هذا العنف المتبادل..؟
بلى … التعصب هو البلاء الأعظم الذي يفكك تماسك البشر ووحدتهم و العلة الأفدح التي تدفع الناس إلى استخدام العنف.
ومن هنا كانت دعوات الخلاص البشري من خلال رسالات الأنبياء و المصلحين كافة تجمع على دعوة أخلاقية واحدة هي ” المحبة ” القادرة وحدها على نبذ التعصب كما يقول المسيح :
” من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر”.
أوكما قال الرسول المسلم محمد (ص) في أحد أحاديثه الشريفة :
” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه “.
أكتب ما أكتب مدفوعا بهذا السؤال المخيف الذي لم يعد ممكنا تجنبه و أنا أرى إلى حال الدنيا و هي تتعرض لأخطار لم يسبق لها مثيل في التاريخ الإنساني كظاهرة التلوث و التصحر و اختلال موازين البرودة في ارتفاع درجات الحرارة في العالم أجمع و في نضوب الثروات الطبيعية إضافة إلى الخسائر المتفاقمة الناجمة عن المنازعات العنيفة و كأن نظرية “التقدم ” التي تحكم تطور حياة البشر قد تحولت الى نظرية مضادة عن الانحطاط البشري و الفناء المستمر في ظواهر الوجود المختلفة.
قليلا من التعصب أيها الناس !. و إن لا فإلى أين أنتم ذاهبون!؟.