الجيش يشيد باستجابة شخصيات وأحزاب لمبدأ الحوار
قال رئيس أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح إن الحوار البناء هو المنهج الوحيد للخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد، مشيدًا باستجابة شخصيات وأحزاب لانتهاج مبدأ الحوار جاء ذلك في كلمته خلال زيارته للمنطقة العسكرية الخامسة (شمال شرق) نقل مضمونها بيان لوزارة الدفاع، وحذّر فيها من وجود “أطراف ترفض المبادرات المقترحة، وتعمل على زرع الدسائس”.
وأوضح صالح “إنني على قناعة تامة أن اعتماد الحوار البناء مع مؤسسات الدولة، هو المنهج الوحيد للخروج من الأزمة وهو المسلك الأنجع الكفيل بتقديم اقتراحات بناءة وتقريب وجهات النظر وتحقيق التوافق حول الحلول المتاحة”.
وتابع “أود الإشادة باستجابة العديد من الشخصيات والأحزاب لأهمية انتهاج مبدأ الحوار، وهو موقف يحسب لهم في هذه المرحلة التي يجب أن تكون فيها مصلحة الوطن هي القاسم المشترك بين كافة الأطراف”.
وأضاف أن هناك “بعض الأطراف، التي ترفض كل المبادرات المقترحة، وتعمل على زرع النعرات والدسائس، بما يخدم مصالحها الضيقة ومصالح من يقف وراءها وحذّر قايد صالح من “الوقوع في فخ تعكير صفو المسيرات السلمية، وتغيير مسارها من خلال تلغيمها بتصرفات تكن العداء للوطن وتساوم على الوحدة الترابية للجزائر، واستغلالها لتعريض الأمن القومي للبلاد ووحدتها الوطنية للخطر”.
ونقلت قناة النهار التلفزيونية عن صالح قوله الأربعاء إن “الجيش سيعمل على تجنيب البلاد مغبة الوقوع في فخ العنف”، مع استمرار الاحتجاجات الحاشدة التي دفعت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الاستقالة في الثاني من أبريل /نيسان ولم يهدأ المحتجون بعد استقالة بوتفليقة ويطالبون الآن بالإطاحة بالنخبة الحاكمة التي تهيمن على البلاد منذ عقود، وبمزيد من الديمقراطية وحملة على الفساد والمحاباة.
ونقلت قناة النهار عن صالح “لمسنا توافقا وطنيا للترتيبات المتخذة من خلال شعارات المسيرات”. ولم يخض في التفاصيل لكن بعض المحتجين رحبوا بمساعيه لمحاكمة أعضاء في النخبة الحاكمة كانوا مقربين لبوتفليقة للأزمة.
وشهدت بعض المدن الجزائرية مسيرات مؤيدة للجيش الجزائري ولتصريحات قائد الفريق قايد صالح خاصة في ما يتعلق بمكافحة الفساد وملاحقة ” العصابة” في اشارة الى المقربين من نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.
واتهم المتظاهرون الاطراف السياسية المناوئة للجيش والرافضة للمسار الدستوري بالخيانة ومحاولة تكريس اجندات اجنبية وكان صالح طالب الثلاثاء بضرورة تهيئة الظروف لإجراء انتخابات رئاسية في أقرب وقت من أجل تفادي الفراغ الدستوري وانتخاب رئيس جديد له الشرعية الشعبية لتجسيد المطالب المتبقية للحراك الشعبي.
وقال “وجب علينا جميعا العمل على تهيئة الظروف الملائمة لتنظيم انتخابات رئاسية في أقرب وقت ممكن باعتبارها الحل الأمثل للخروج من الأزمة“، موضحا أن هذا المخرج سيمكن من “التصدي لكل التهديدات والمخاطر المحدقة ببلادنا وإفشال كافة المخططات المعادية الرامية إلى الوقوع في فخ الفراغ الدستوري والزج بالبلاد في متاهات الفوضى وزعزعة استقرارها”.
وكلمة قايد صالح موجهة تحديدا لمعارضي المخرج الدستوري للأزمة الذي دفعت قيادة الجيش بشدة نحوه خلال الأسابيع الماضية بأن طلبت تفعيل المادة 102 من الدستور الجزائري المتعلقة بشغور منصب الرئاسة ثم طالبت لاحقا الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة للاستقالة فورا وهو ما حدث بالفعل في أوائل أبريل/نيسان.
وكشف قايد صالح أن قيادة الجيش سلمت القضاء ملفات لنهب المال العام بأرقام خيالية للتحقيق فيها واستدعاء المتورطين فيها بدون استثناء والعملية ما زالت في بدايتها وتابع “قيادة الجيش بحوزتها ملفات لنهب المال العام اطلعت عليها شخصيا وهي بأرقام خيالية وقد تم وضعها تحت تصرف القضاء للتحقيق فيها واستدعاء المتورطين فيها بدون استثناء”.
وأوضح أن قيادة الجيش أعلنت مرافقتها للقضاء وقدمت تعهدات بحمايته من الضغوط لمعالجة ملفات الفساد “بعيدا عن الظلم وتصفية الحسابات وألح قائد أركان الجيش على ضرورة التسريع بمحاكمة المتورطين في الفساد “وتفادي إطالة الإجراءات القانونية مما سيمكن من هروب الفاسدين من العقاب”، مشددا على أنه “سيتم تطهير بلادنا نهائيا من الفساد والمفسدين”.
ولم يذكر قائد الجيش أشخاصا معينين بالاسم لكنه كان قد تحدث في الفترة الماضية عن عصابة في الحكم متورطة في نهب المال العام وتسعى لتهريب الأموال للخارج وبعيد استقالة بوتفليقة أوعز الجيش للسلطات القضائية بإصدار أوامر بمنع رجال أعمال من السفر وحظر طيران الطائرات الخاصة واعتقال عدد من المشتبه بهم معظمهم مقربون من بوتفليقة.
ويرجح أن من بين المشتبه بهم سعيد بوتفليقة شقيق ومستشار الرئيس المستقيل وعدد ممن كانوا مقربين من محيط الرئاسة ورجال أعمال بعضهم تم اعتقالهم للتحقيق معهم في قضايا فساد مالي ونهب للمال العام ويبقى مصير أشقاء الرئيس المستقيل مجهولا خاصة سعيد أو السعيد (كما يناديه الجزائريون) والذي تحوم حوله كثير من شبهات الفساد
وأكدت قيادة الجيش الجزائري أنها لن تسكت عن ملفات الفساد، حيث “كنا السابقين لمحاربته من خلال إحالة قيادات عسكرية سامية على القضاء العسكري والذين تورطوا في قضايا فساد بأدلة ثابتة”.
وعلى خلفية تهم فساد، استدعى القضاء الجزائري خلال الأيام الأخيرة عدة مسؤولين ورجال أعمال محسوبين على بوتفليقة الذي أطاحت به انتفاضة شعبية متواصلة وجاء تحرك القضاء بعد دعوات من القيادة العليا للجيش لفتح ملفات فساد مالي تورطت فيها من أسمتهم بـ”العصابة” في عهد بوتفليقة وكلفت الخزينة حسب الفريق قايد صالح آلاف المليارات من العملة المحلية.
وشكلت استقالة بوتفليقة نصف فوز للحراك الشعبي فيما يطالب الأخير برحيل جميع رموز النظام بمن فيهم من أفرزهم الحل الدستوري أي عبدالقادر بن صالح الرئيس المؤقت وحكومة تصريف الأعمال التي يقودها نورالدين بدوي وزير الداخلية السابق وأحد ابرز وجوه النظام الجزائري.
وكان الجيش قد حذّر في الفترة الأخيرة من الفوضى ومن رفض الحلّ الدستوري معبرا عن دعمه لعبد القادر بن صالح لقيادة المرحلة الانتقالية (90 يوما اعتبارا من يوم توليه الرئاسة بالوكالة) وتريد المعارضة أن يقود المرحلة الانتقالية شخصية وطنية غير موالية لنظام بوتفليقة بينما تتمسك قيادة الجيش بالمضي في تنفيذ الحل الدستوري
ميدل ايست اون لاين