كنا ننتظر هدنة في رمضان، بتنا نترقب تصعيدا للحرب في غزة، وصرنا نتخوف من توسيع الصراع بعدوان إسرائيلي على لبنان علاوة على تفاقم الصراع في البحر الأحمر. فهل نحن أمام رمضان ملتهب؟؟ وهل اقتربنا من حرب أوسع في الإقليم؟؟؟
مساعي التهدئة ومحاولة الوصول إلى هدنة في رمضان فشلت لأن كلاً من طرفي الصراع، إسرائيل وحماس، يتمسك بما طالب به ولا يتنازل أي منهما شعرة لإتمام التسوية. إسرائيل تصر على (وقف مؤقت للنار) وحماس تتمسك بـ (وقف نهائي للعدوان). حماس تصر على خروج القوات الإسرائيلية من القطاع، وفك الحصار عنه. إسرائيل متمسكة بالإبقاء على قواتها، وبحصارها للقطاع. حماس تطالب بتحرير رموز المقاومة من السجون الإسرائيلية، مقابل تحرير الرهائن الإسرائيليين لديها. وإسرائيل تصر على مبادلة الرهائن لدى حماس بسجناء فلسطينيين لا يشكلون خطرا عليها.
في الحقيقة لو دققنا في مواقف الطرفين لوجدنا أن كل منهما يتمسك بأهدافه الكبرى من الحرب. إسرائيل تريد إنهاء حماس والمقاومة والسيطرة على القطاع، ومنع تكرار سبعة تشرين باي شكل من الاشكال. حماس تريد الاعتراف بها كممثل للشعب الفلسطيني وإتاحة المجال امامها لتدير شؤونه في دولة وطنية كاملة السيادة، كما تريد ضمان عدم قيام إسرائيل بأي عدوان على الدولة الفلسطينية الموعودة. وكلا الطرفين لا يأخذ ما نتج عن الحرب التي صار عمرها خمسة شهور بالحسبان. إسرائيل تعاند حقائق التاريخ، التي تقول أن لا سلام ولا أمن ولا استقرار لشعب إسرائيل، دون إعطاء الفلسطينيين حقوقهم الوطنية المشروعة، بإقامة دولتهم المستقلة القابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية. وحماس لا تريد أن ترى أن لا مستقبل للحرب إلا مزيدا من الدمار، والقتل والتشريد للشعب الفلسطيني. ولا تريد حماس أن تقتنع بضرورة التراجع خطوة، وترك منظمة التحرير للتقدم لقيادة حل سياسي مع ضمان وجود دور لحماس في إطار المنظمة.
وبدل الهدنة في رمضان فإن نتنياهو وحكومته يضيق على المصلين في الأقصى ويرفعون الصوت بالتهديد بأنهم سيصعدون الحرب على الفلسطينيين في غزة والضفة. بالمقابل فإن حماس تطالب الشعب الفلسطيني بالنفير العام، والاعتكاف في الأقصى، والمرابطة في وجه إسرائيل. وتعد حماس وتهدد إسرائيل بما هو أقسى من سبعة تشرين. وكلا الموقفين، الإسرائيلي المعتدي، والفلسطيني المقاوم من حماس، يشي بالتوجه إلى تصعيد متفجر و ربما يفجر المنطقة في رمضان.
في الطرف الآخر، في الشمال من فلسطين، إسرائيل تريد أن تفتح حربا واسعة ضد لبنان كي لا تفوت الفرصة بالقضاء على حزب الله. ورغم تصرف الحزب بدقة وبصيرة تفوت على الإسرائيلي اشعال الحرب، وتبقى مذكرة بقوة الحزب، إلا أن جنون نتنياهو وشركاؤه يرجح كفة اشتعال الحرب في لبنان، مع كل المخاطر التي تحملها على المنطقة وخاصة على سوريا ولبنان.
أمريكا ما زالت تحاول ضبط الأمور تجاه جنون نتنياهو بما يخص لبنان، ولكنها تتركه يفعل ما يريد في غزة والضفة، مع بعض تصريحات رفع العتب التي لا تقدم ولا تؤخر. وبالتالي فإن الخطر يحدق بالمنطقة وعلى الحكام العرب أن يبادروا لدرء أهوال الحرب، وأن يستعدوا لمواجهة تبعياتها إن وقعت.
بوابة الشرق الأوسط الجديدة