الدبيبة يدفع بكشف حساب النفقات في مواجهة تهم بالفساد
وجه رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة، مساء الأربعاء، الوزارات والجهات والهيئات والمؤسسات والمصالح التابعة للحكومة بنشر مصروفاتها عن العام 2022 عبر المنصات الإعلامية الخاصة بها، في مسعى للرد على تهم الفساد المالي الموجهة له من الحكومة المنافسة المعينة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا.
جاء ذلك في بيان صادر عن مكتب الدبيبة وجهه وزير الدولة لشؤون رئيس الحكومة ومجلس الوزراء عادل جمعة، ونشرته منصة “حكومتنا” عبر صفحتها على فيسبوك.
وأكد الدبيبة أن هذا الإجراء يأتي في إطار العمل “بمبدأ الشفافية والإفصاح الشامل لنفقات الحكومة”، داعيا كافة المسؤولين في حكومته إلى التنسيق مع وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي في هذا الشأن.
ويسعى الدبيبة من خلال هذه الخطوة نفي تهم الفساد المالي التي طالما لاحقته، سواء من مجلس النواب أو من حكومة باشاغا الموازية وحتى من الشارع الليبي الذي سبق أن طالب بإحالة حكومة الدبيبة على التحقيق، في شبهات الفساد المثارة حولها والمخالفات القانونية التي ارتكبتها.
وعقب رفض البرلمان الليبي لمرات عديدة اعتماد ميزانية لحكومة الوحدة الوطنية ومن ثم سحبه للثقة منها وتعيينه لحكومة جديدة، اعتمدت الحكومة في الصرف على قانون بديل وهو قانون 1/12 والذي يتيح للحكومة الصرف في حال تعثر اعتماد الميزانية.
إلا أن هذا القانون لم يكن قانونا مفتوحا، وإنما قانون مؤطر ويحمل تفاصيل وشروطاً عدة لم تنفذها حكومة الدبيبة، الأمر الذي تركها عرضة للاتهامات بالخروج عن القانون والفساد، والتهم التي لم ترد عليها حكومة الدبيبة، بل استمرت في تنفيذ خططها.
حيث تنص المادة 178 من الدستور الليبي والخاصة بفتح الاعتمادات الشهرية المؤقتة على أنه “في حال عدم إقرار الموازنة قبل بداية السنة المالية يجوز لرئيس الوزراء الصرف على أساس واحد من اثني عشر (12/1) من موازنة السنة السابقة بموجب مرسوم رئاسي فيما يتعلق بالمرتبات وما في حكمها والمصروفات العمومية، وذلك وفق ما يحدده القانون المالي للدولة”.
ويعني قانون 12/1 “الصرف في مقدار قسمة مخصص القطاع في آخر ميزانية معتمدة على 12″، ويشترط في هذا القانون أن تصرف الحكومة باستخدامه فقط في البابين الأول والثاني أي المرتبات والمصروفات التسييرية وهو ما لم تفعله حكومة الدبيبة.
وما جلب هذه القضية مجددا إلى السطح هو تقرير الإيراد والإنفاق لعام 2022 الذي نشره مصرف ليبيا المركزي والذي تضمن وصول الحكومة لرقم غير معتاد في الإنفاق، واعتبر صادماً.
وأعلن مصرف ليبيا المركزي في بيان له الأربعاء تسجيل إيرادات عامة بقيمة 134.4 مليار دينار خلال العام الماضي، بينما بلغ الإنفاق العام 127.9 مليار دينار.
وقال عضو مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي مراجع غيث في تصريحات إعلامية إن حكومة الدبيبة استندت على قاعدة 1/12 في الصرف عقب تعثر اعتماد الميزانية.
وأضاف غيث أن هذه القاعدة تخص فقط وبشكل واضح وصريح المصروفات التسييرية والمرتبات، أي البابين الأول والثاني من الميزانية العامة، أما الباب الثالث فلا ينطبق عليه، وشدد على وجوب عدم الصرف على الباب الثالث إلا بعد اعتماد الموازنة، مشيراً إلى أن حكومة الدبيبة خالفت كل القوانين وأهمها القانون المالي للدولة .
وأكد بأن المصرف إذا أراد تطبيق القانون يستطيع منع أي تجاوز في الصرف يفوق النسبة المقررة وهي 1/ 12 ولكن المحافظ دخل في اللعبة السياسية وأصبح طرفاً في الصراع”.
وقبل أيام اتهمت حكومة باشاغا الموازية، حكومة الدبيبة، بارتكاب مخالفات مالية تتعلق بأحد بنود الموازنة العامة، مهددة باتخاذ إجراءات تصعيدية لوقف تدفق الإيرادات الناتجة عن بيع إيرادات النفط والغاز إلى حساب المؤسسة الوطنية.
وتوجه أسامة حماد، وزير التخطيط والمالية بحكومة باشاغا، بخطاب إلى النائب العام المستشار الصديق الصور، ورئيسي هيئة الرقابة الإدارية سليمان الشنطي وديوان المحاسبة خالد شكشك، بالإضافة إلى هيئة مكافحة الفساد، مساء السبت، تناول فيه ما سماه بالجرائم والمخالفات المالية الجسيمة التي ارتكبها رئيس حكومة الوحدة الوطنية.
وقال حماد، إن الدبيبة وجه بـتعلية (ترحيل) مبلغ يزيد عن 16 ملياراً و500 مليون دينار من مخصصات (الباب الثالث) بما يسمى (الترتيبات المالية) التي قدرها لهذه السنة دون سند قانوني.
ورأى أن الإقدام على تعلية مبلغ بهذه الضخامة والادعاء بأنه يخص تنفيذ مشروعات تنموية لم يتم استكمال إنجازها خلال السنة المالية، ما هو إلا تضليل وافتراء.
وفي ظل صرف حكومة الدبيبة لمبالغ ضخمة تطرح تساؤلات كبيرة على الأساليب التي تتبعها حكومة باشاغا لتصريف أعمالها ولتغطية نفقاتها هي الأخرى في ظل دعم مصرف ليبيا المركزي لحكومة واحدة وهي حكومة الدبيبة ما صاعد المخاوف من لجوء الأخرى إلى سياسات الاقتراض التي ستضاعف الدين العام للدولة.
وبشكل عام، فإن توسع حكومة الدبيبة وباشاغا في الإنفاق وصرفهم بشكل منفصل لمبالغ ضخمة سيرمي البلاد في مشاكل اقتصادية من الصعب الخروج منها وسيجعلها مهددة بالاضطرار للتوجه لخفض قيمة الدينار الليبي مجدداً.
ففي وقت سابق، حذر الخبير الاقتصادي الليبي نورالدين حبارات من أن الدينار الليبي مرشح لمزيد من التخفيض بعد بلوغ الإنفاق العام عتبة 100 مليار دينار.
وقال حبارات إن اعتماد الحكومة بشكل كامل على مبيعات النقد الأجنبي في تمويل إنفاقها الضخم والذي أصبح يعادل قرابة ثلاثة أضعاف حجمه ما قبل 2021، يجعلها لا تملك أي مصادر تمويل بديلة لديها خاصة مع تقلب أسعار النفط .
وبناء على ذلك، أكد حبارات أنه لا خيار أمام الحكومة والمركزي لتمويل إنفاق عام فوق عتبة 100 مليار دينار إلا من خلال مزيد من التخفيض لسعر الدينار إذا ما كانت ضرورة لذلك، كأن يخفض الدينار بقيمة 502 درهم أي عند سعر 5 دنانير للدولار، مضيفاً أن تخفيض بهذا الحجم سيضيف إيرادات للحكومة بقيمة 11 إلى 12 مليار دينار.
ميدل إيست أون لاين