الدراما السورية تنهض من تحت الركام؟
مرّت فترة عصيبة على الدراما السورية سيطرت خلالها علامات الاستسلام على الكثير من صنّاعها، بسبب انعدام الخيارات أمامهم، وغياب سوق العرض المحلية، وتحكّم رأس المال بنوعية الأعمال المقدَّمة، ولهاث غالبية المحطات العربية ــ التي ما زالت تطلب هذه البضاعة ــ على دراما لا تقدم سوى قصص حب عربية مشتركة سمتها الأبرز السطحية، أو على الدراما الشامية التي شوّهت صورة دمشق. لكن في الموسم الحالي، تشي الملامح الرئيسية باستفاقة ـ ولو جزئية ـ وتنوّع واضح… علّها مرحلة جديدة تبشّر بموسم حافل في رمضان 2019. إذ وصلت الإحصائيات حتى الآن إلى 16 مسلسلاً سورياً خالصاً، عدا بضعة أعمال عربية بهوية سورية لناحية مرتكزاتها الأساسية.
الأهم أننا سنشهد هذا العام كسراً لقواعد السوق، وتخطياً صريحاً لأي حصار مفترض على هذه الصنعة، من خلال توليفة تمكّن من إدارتها النجم عابد فهد بين «إيبلا الدولية» السورية (هلال أرناؤوط) التي تنتج مسلسل «دقيقة صمت» (قيد التحضير ـــ كتابة سامر رضوان، إخراج شوقي الماجري، بطولة عابد فهد، وفادي صبيح، وكاريس بشار، وفايز قزق، ومرام علي، وستيفاني صليبا، ويوسف المقبل، وخالد القيش) فيما تشاركها في عملية التوزيع شركة «الصبّاح» اللبنانية. من المرجّح عرض المسلسل على قنوات عربية مهمة منها MTV و MBC. ينطلق العمل من فرضية سجينين تبدأ التحركات لتنفيذ حكم الإعدام بهما. لكن سرعان ما تأتي الأوامر بتغيير مدير السجن كخطوة تمهيدية لتهريب السجينين في سيارة المدير الجديد. بعدها، ينفجر سيل من الأحداث البوليسية المشوقة، وهو النوع الذي عرف واشتهر به كاتب النص. إلى جانب هذا المسلسل، ستكون الأعمال الشامية حاضرة بقوة عبر خمسة مسلسلات على أقل تعديل، امتثالاً لرغبة المحطات العربية.
هكذا، سنشاهد مجموعة كبيرة من النجوم منهم جمال سليمان، وباسم ياخور، وسلافة معمار، وهبة نور، وقاسم ملحو في «حرملك» (قيد التحضير- كتابة سليمان عبد العزيز، وإخراج تامر اسحق، إنتاج «كلاكيت» ـ 60 حلقة) الذي يحكي قصة شامية تقليدية. على المنوال عينه، تسير «غولدن لاين» في «سلاسل الذهب» (قيد التصوير- تأليف سيف رضا حامد وإخراج إياد نحاس ـ بطولة: بسام كوسا، وعبد الهادي الصبّاغ، وكاريس بشّار، وديمة بيّاعة، ومهى المصري)، فيما نتابع «عطر الشام 4» (تأليف أحمد حامد، وإخراج محمد زهير رجب، إنتاج قبنّض). واللافت هذه المرة هو دخول «المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني» على خط الدراما الشامية من خلال «حارات الشام العتيقة» (قيد التصوير- تأليف علاء عسّاف، وإخراج غزوان قهوجي ـ بطولة: رشيد عسّاف، صباح الجزائري، مرح جبر، عاصم حوّاط، جانيار حسن). ويعود «باب الحارة» في جزء عاشر (قيد التحضير- كتابة فؤاد شربجي، وإخراج مؤمن الملا، وإشراف بسّام الملّا ـ بطولة: سلّوم حداد، مصطفى الخاني، وصباح الجزائري، وميلاد يوسف). وبحسب المعلومات المبدئية، فإن العمل ينجز هذه المرّة لقناة «عمان» الخليجية لا MBC كما جرت العادة. ولم يتضح ما إذا كان المنتج محمّد قبنض سينجز نسخاً ثانية من العمل نفسه، لكن الأكيد أنه سيكون حاضراً بمجموعة إنتاجات من بينها «اسمعوني» (قيد التحضير- تأليف وصال حيدر وإخراج سهر سرميني). يقدم العمل قصة تسع فتيات سوريات من طبقات اجتماعية مختلفة، وهذه الشخصيات مستمدة من صميم المجتمع السوري. تجرّب الحكاية تظهير قصص ومعاناة تلك الشخصيات من خلال رؤيتها للحياة، كما تتطرق إلى علاقات الحب، والمشاكل الاجتماعية التي قد تعترضها، وارتباطاتها الأسرية. وربما تقدم الشركة ذاتها تجربة شابة بعنوان «جوكر» (تأليف ماجد عيسى، وإخراج نزار السعدي) تنطلق من جامعة خاصة تقع فيها مجموعة جرائم متعددة بالطريقة والأسلوب نفسيهما، مما يثير الهلع والرعب بين الطلاب والكادر التدريسي، فيحاول رجال الأمن التقصي عن الفاعل والقبض عليه. على مقلب آخر، ستحضر شركة «إيمار الشام» بعملين واعدين هما: «كونتاك» (قيد التصوير- ورشة كتّاب بإشراف رانيا الجبّان، وإخراج حسام الرنتيسي، وبطولة أيمن رضا وأمل عرفة ومحمد حداقي وحسام تحسين بيك). العمل عبارة عن لوحات كوميدية متصلة منفصلة تعتمد على سبعة أنماط ثابتة مع تدوير مستمر للحكايا التي تنتقد الظواهر الاجتماعية السلبية التي أفرزتها الحرب. أما العمل الثاني، فيحمل عنوان «أرض محروقة» (قيد التحضير- كتابة إيمان السعيد، وإخراج الليث حجوـ بطولة سلافة معمار وكاريس بشّار) يقارب الوضع الحالي لسوريا، طارحاً ثنائيات الانتقام أو التسامح. وهناك أيضاً مسلسل «غفوة القلوب» (كتابة هديل اسماعيل، وإخراج رشاد كوكش، وانتاج المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني، بطولة: أحمد الأحمد، مرح جبر، دانا جبر، ريم زينو، أنس طيارة، مصطفى سعد الدين) الذي ينطلق من يوميات شرطي مرور فقير، يقع على قرص مدمج يوثّق لجريمة قتل. يبدأ أهل المجرم بالتفاوض معه ويعرضون عليه دفع مبلغ مالي كبير لقاء القرص، فيقع الشرطي في حيرة: إما المال وظلم شخص بريء، أو استمرار الفقر وإنقاذ هذا المتهم من حبل مشنقة ظالم.
وسيشهد الموسم حضوراً لتجارب كوميدية بسيطة تنجز بميزانيات متواضعة بينها «حركات بنات» (قيد التصوير- كتابة سعيد الحناوي، وإخراج سليمان معروف، وإنتاج شركة «شقرة»، بطولة: رنا الأبيض، جيني إسبر، دانا جبر، ليليا الأطرش). المسلسل «سيت كوم» متصل منفصل عن عائلة مؤلفة من خالة وثلاث فتيات ينتقلن للعيش معها بعد وفاة والديهن. يتقدم أحد الشبان الأغنياء لطلب الزواج من الخالة، ليظهر لهن لاحقاً فقر حاله، وتبدأ المشاحنات ضمن مواقف طريفة. في سياق مشابه، سنشاهد «آوت فوكس» (قيد التحضير- كتابة وإخراج احمد زركلي، إنتاج شركة «البيك»، بطولة: بشار اسماعيل، وكرم الشعراني) الذي يخوض في الكواليس المعتمة للوسط الفني ويجرّب تعرية الدخلاء على المهنة وفضحهم، لكن بطريقة كوميدية!
الأعمال الاجتماعية التي تنحو باتجاه الحب، ستكون موجودة من خلال إنتاجين لـ «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي»: الأوّل بعنوان «عن الهوى والجوى» (قيد التصوير- خماسيات من تأليف شادي كيوان وإخراج فادي سليم) وهي قصص حب معاصرة، وعد صنّاعها بأن تكون مختلفة عن عشرات الأعمال التي قدمت الثيمة ذاتها. والعمل الثاني هو «أثر الفراشة» (قيد التصوير- تأليف محمود عبد الكريم وإخراج زهير قنوع، وبطولة: سمر سامي، وعبد الهادي الصبّاغ، نورا رحّال، بيار داغر، سيف الدين السبيعي، محمد قنوع، ربا كنعان، روبين عيسى). في هذا المسلسل، سنواكب تفاصيل قصة حب بين زمنين مختلفين، تكون بمثابة تحية رومانسية للنساء العاشقات، والرجال المخلصين.
في سياق مشابه، تنجز الدراما السورية أعمالاً صوفية أوّلها «الحلّاج» (كتابة خلدون قتلان، وبطولة غسّان مسعود لصالح تلفزيون «أبو ظبي») ولم يعرف بعد إذا كان المسلسل لهذا الموسم أم أنه سيؤجل لموسم لاحق. كذلك تعد العدّة لمسلسل يروي سيرة «شمس الدين التبريزي» (كتابة عثمان جحى). وقد يشهد هذا الموسم مسلسلاً عن الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي. وككلّ عام، ستكون الأعمال العربية المشتركة بنكهتها السورية حاضرة بقوة على المحطات المهمة. إذ سنشاهد عملاً بعنوان «خمسة ونص» (كتابة إيمان السعيد، وإخراج فيليب أسمر، وبطولة نادين نسيب نجيم ومعتصم النهار). كما يفترض أن نشاهد جزءاً جديداً من «الهيبة» (باسم السلكا وسامر البرقاوي) فيما أنجز المخرج محمد لطفي مسلسل «اختراق» (كتابة طلال السدر وعمّار رضوان، وبطولة نضال نجم وديمة الجندي وعبد المحسن النمر)
صحيفة الأخبار اللبنانية