الدراما السوريّة تلهث لـ«اللحاق» بالموسم
لم تشهد تحضيرات الدراما السوريّة للموسم الرمضاني تخبّطاً، كذلك الذي يشهده الموسم الحالي. حتى اللحظة، لا يزال تصوير نصف الأعمال المرتقب عرضها، متواصلاً، بين سوريا، ولبنان. ففي دمشق يتوالى تصوير مسلسل «دنيا 2» لزهير قنوع، و«حرائر» لباسل الخطيب، و «صدر الباز» لتامر اسحق، و «بقعة ضوء 11» لسيف الشيخ نجيب، و «امرأة من رماد» لنجدة أنزور، و «حارة الأصيل» لمحمد معروف، و «منبوذون أبرياء» لأحمد سويداني… وفي بيروت، يستمرّ تصوير «العرّاب» للمثنى صبح، و«العرّاب ـ نادي الشرق» لحاتم علي، إضافة إلى استكمال «غداً نلتقي» لرامي حنّا»، و «24 قيراط» لليث حجو، فيما يتابع هيثم حقّي تصوير «وجوه وأماكن» في تركيا.
أسباب عدّة تقف خلف هذا التأخير، منها حسابات شركات الإنتاج الماليّة، في ظلّ ضائقة اقتصاديّة ناتجة من الأزمة، ومنها أيضاً اعتذارات النجوم المتلاحقة عن عدم المشاركة في الكثير من الأعمال. يضاف إلى ذلك محدودية أماكن التصوير في العاصمة السورية، أو تأخر بدء تصوير بعض الأعمال نتيجة عدم استكمال نصوصها. ذلك إن دلّ على شيء، فعلى افتقاد شركات الإنتاج منهجيّة عمل واضحة، واعتمادها على الارتجال والتصرّف وفق ما تقتضيه اللحظة.
وبالرغم من ذلك التخبّط، تتبّع شركات الإنتاج منهجاً استعراضيّاً في الترويج لأعمالها، حتى قبل البدء بالتصوير، وبالرغم من احتمال تأجيل العمل أو عدم عرضه. المطلوب أن يكون المسلسل حاضراً، وإن لموسم واحد فقط. لكن هل من مسلسل سوري أنتج مدى السنوات الأربع الماضية لا يزال عالقاً في ذاكرة الجمهور؟ هذا السؤال بات اليوم أشبه باللعنة، بالرغم من عدم اكتراث المنتجين به. لم يعد مهماً أن يطبع المسلسل بصمته، بل صار قابلاً للاستخدام المؤقّت، ككلّ شيء آخر في زمن الحرب. وكأن شركات الإنتاج لم تعد ترى في الصناعة الدرامية أكثر من أموال ومختبرات.
من العبارات التي يكثر استخدامها في مثل هذه الأيّام، «اللحاق بالموسم الرمضاني»، ما يشير إلى ضرورة «الإنجاز»، تحت أي ظرف ومهما كانت النتيجة. بعض الجهات المنتجة، وعلى رأسها «المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني»، خرجت من شرط العرض الرمضاني، إذ عرض قبل أكثر من شهر مسلسلها «شهر زمان» على قناة «أو إس إن» ويعرض حالياً «حارة المشرقة» على قناة «أبو ظبي دراما».
تكمن المشكلة في احتمال أن تزيد حالة الاسترخاء في ظلّ تراجع الطلب على الأعمال ذات «المضامين السورية»، خصوصاً مع تدخّل قنوات العرض وشركات الإنتاج العربيّة في النصوص حسب معطياتها وتوجهاتها السياسية. وللأسف فإن بعض الأعمال أصبحت تبتهج في إثبات نفسها منتجاً قابلاً للخنوع، هارباً من رأس مال إلى رأس مال أوسع حضناً. فهل تعود للدراما السوريّة القدرة على صناعة أعمال بهويّة واضحة، وطرح دراميّ جريء، أم تبقى رهينة لسباق المواسم، وشروط الفضائيّات التي تفرّغها من مضمونها؟ أسلوب الاستعجال في التصوير وتجميع فرق العمل والكتابة، يهدّد بنسف جودة المسلسل التلفزيوني السوري الذي راكم مصداقيّة خلال السنوات الماضية، وتحوّل إلى عمل فنّي ينتظره كثيرون، ويشعرون أنّه يخاطبهم. مع العلم أنّ خطأً واحداً في مشهد تلفزيوني، يمكن أن ينسف عملاً بأكمله، فيما باتت المسلسلات الآن زاخرة بمئات الأخطاء التي لم يعد ينتبه إليها أحد.
صحيفة السفير اللبنانية