«الذاتية» متمسّكة بالتسييس: تراجُع أمام الفصائل… وتعنّت مع دمشق
مع دخول كارثة الزلزال المدمّر الذي ضرب محافظات عدّة في سوريا، أسبوعها الثاني، سهّلت «الإدارة الذاتية» الكردية مرور قافلة مُقدَّمة من أهالي منبج إلى مناطق شمال غرب سوريا، توازياً مع إدخالها فِرقاً طبّية و3 شاحنات إلى حيَّي الشيخ مقصود والأشرفية في حلب حصراً، دوناً عن بقيّة مناطق سيطرة الحكومة. وفي أعقاب جدال واسع واتّهامات متبادلة بين «الذاتية» وفصائل المعارضة، نجحت الضغوط التي مارستها الأخيرة في نزْع شعار الإدارة الكردية عن قافلة المساعدات الآتية من شمال شرق سوريا حيث معاقل «قسد»، في وقت سهّلت فيه «الذاتية» مرور شاحنة محمَّلة بالأدوية والمواد الطبّية تابعة لمنظّمة «أطبّاء بلا حدود»، في اتّجاه مناطق سيطرة الفصائل. وأكدت مصادر مطّلعة على المفاوضات أنه «تمّ الاتفاق على تسيير القوافل الأهلية فقط، بعد تنازُل «قسد» عن معظم شروطها السابقة»، مبيّنةً أن «الحصّة الأكبر من القوافل ستكون للمتضرّرين في عفرين وجنديرس». وتوقّعت المصادر أن «تتواصل عمليات إدخال المساعدات خلال الأيام المقبلة، في حال لم تطرأ أيّ خلافات». وأكد القيادي في «الذاتية»، علي عبد الرحمن، بدوره، أن «الإدارة سهّلت مرور قافلة أهلية مؤلَّفة من 52 شاحنة وآلية، محمَّلة بالمواد الغذائية والإغاثية إلى مناطق الشمال السوري المحتلّ»، مشيراً إلى «وجود حملة لجمع المساعدات من مناطق شمال شرق سوريا باسم «هنا سوريا»».
في المقابل، تُواصل قافلة مؤلَّفة من 100 صهريج محروقات، الوقوف على معبر التايهة – أم كهف، الرابط بين مناطق سيطرة الحكومة ومعاقل «الذاتية»، بسبب إصرار الأخيرة على توجيه المساعدة إلى حيَّي الشيخ مقصود والأشرفية فقط، واتّهامها الحكومة السورية باشتراط الاستحواذ على 70% من محتويات القافلة مقابل السماح بدخولها. وحاولت «الذاتية»، في هذا السياق، التجييش ضدّ دمشق، عبر دفْعها أنصارها في تل رفعت وريفها إلى الخروج في تظاهرات، «تنديداً بحصار حكومة دمشق لمناطق الشهباء الخاضعة لسيطرة قسد»، على رغم عدم اعتراف الأخيرة رسمياً بوقوع هذه المنطقة تحت سيطرتها، خشية من أيّ هجوم تركي عليها. واللافت أنه بالتزامن مع خروج تلك التظاهرات، يَتتابع وصول وفود الإدارة الكردية القادمة من الحسكة والرقة، إلى حيّ الشيخ مقصود وبلدة تل رفعت في حلب، رِفقة فِرق طبّية وإغاثية وشاحنات محمَّلة بالمواد الغذائية عبر «الهلال الأحمر الكردي». وفي وقت جدّدت فيه «الذاتية» نفي الاتّهامات الحكومية المُوجَّهة إليها بتسييس المساعدات وحصْرها بمناطق تشهد تواجداً محدوداً لـ«قسد» في حلب وريفها، اتّهم «المرصد السوري» المُعارض، المقرَّب من الإدارة الكردية، «النظام السوري بمنع دخول قافلة محمَّلة بالوقود والمواد الإغاثية والطبية، مُوجَّهة إلى سكّان حيّ الشيخ مقصود في مدينة حلب».
وفي الاتّجاه نفسه، تحاول «الذاتية» تظهير المناطق الكردية أو التي تشهد تواجداً كردياً بوصفها من أكثر المناطق تضرّراً. وفي هذا الإطار، انتشر تقرير عبر وسائل الإعلام الناطقة باسمها يفيد بأن «كارثة الزلزال أدّت إلى وفاة 6 أشخاص، وجرْح مئة، وتضرُّر 150 منزلاً بانهيار كلّي أو جزئي، ونزوح 55 ألفاً من الأهالي إلى مناطق متعدّدة، ووصول نحو 5 آلاف نازح من مناطق أخرى». في المقابل، تتّهم وسائل إعلام مُعارِضة، الإدارة الكردية، بالسعي إلى استثمار الكارثة، و«تحقيق منفعة مالية لها»، متحدّثةً عن «وجود مخطّط يهدف إلى استحصالها على جزء من الدعم الأميركي أو الغربي المُتوقَّع للمناطق المتضرّرة، أو إدارة أيّ مساعدات أميركية ستُوجَّه إلى ضحايا الزلزال، وإعادة توجيهها إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها، والتي تُعدّ الأقلّ تضرّراً حتى الآن».
في هذا الوقت، أعلنت إدارة معبر باب الهوى «وصول موافقة تركية للسوريين المقيمين في الولايات المتضرّرة من الزلزال، لقضاء إجازة داخل الأراضي السورية، اعتباراً من يوم غد الأربعاء، وذلك بعد 3 سنوات من منْع الإجازات». وتأتي هذه الخطوة في ظلّ اتّهامات لأنقرة بإهمال السوريين الذين تعرّضوا للكارثة داخل أراضيها، واستثنائهم من أيّ خطّة لتأمين مساكن بديلة. وأكد عدد من النشطاء السوريين في تركيا أن «السوريين المضطرّين لمغادرة منازلهم المنكوبة ليسوا ضمن مساحة اهتمام أو أولوية الدولة التركية»، مشيرين إلى أن هؤلاء «فقدوا أعمالهم وأرزاقهم والمنازل التي كانوا يقطنون فيها، ويعيشون أوضاعاً كارثية»، داعين إلى «تخصيص جزء من المساعدات المالية للسوريين، لتمكينهم من استئجار منازل، إلى حين تدبُّر أمورهم لاحقاً».
صحيفة الاخبار اللبنانية