الروائي السوري عادل محمود في حالة حرجة !
خاص :
أفادت مصادر مقربة من الكاتب السوري عادل محمود أن حالته الصحية حرجة ، وأنه أجرى عملية صعبة يقول أصدقاؤه بأنه ناجحة وتبشر بعودته من حالة الغيبوبة التي أصابته نتيجة إصابته في مرض عضال .
وكان الروائي عادل محمود من كتاب موقع بوابة الشرق الأوسط الجديدة، وآخر زاوية كتبها في الموقع كانت بعنوان ( السمكة والمقلاة ) ونشرت في 22 أيار الماضي ، ويقول فيها : لا تشتم ميكيافيلي… إلعن معتنقيه.
أحياناً لا نجد ما نكتبه. فما نفكر فيه أشد سخاء من الورقة. والحبر السائل، منذ أول أبجدية، هو نفسه المحاذي للدماء (الأفكار تقود إلى الدماء أو إلى الضياء).
اليوم أجد أمامي عبارة استفزازية لكاتب وسياسي بريطاني تقول: “العداء لأمريكا هو تقدّمية المغفلين” ولكنني أجد إلى جوارها، أمامي أيضاً، عبارة لبريطاني آخر هي: “الباحثون عن حصان في البيت الأبيض، لن يجدوا، في نهاية الحوار، إلا رسناً لهم”.
ليس للحوار بين المفارقات الفظة أي معنى، كما هو حاصل في كل الحوارات العربية. فتارة يتراشقون بالمواقف، وتارة يتصالحون حول نفس المواقف. وقد هجا هذا النوع من الحوار أحد أصدقائي وهو مهندس يكتب في صحيفة تذمّره الخاصة المتداولة بين الأصدقاء. واسمه علي (و) محمد. يقول: “هناك من يفضل فرويد لتفسير ملوحة… البحر” ويقول للزعامة الأبوية الأبدية: أنجبتني في تربة الرمال المتحركة هذه. وطوال حياتك لم تقدم لي شيئاً واضحاً أسند إليه ظهري…
دعوتني لأكون علي ومعاوية. مع ابن تيمية وابن رشد. مع المخابرات أو المناضلين ، مع الزكاة بيد، وأكل مال اليتيم باليد الأخرى. نصف قرن مضى لأكتشف ثقافة… الزئبق. وأنت وضعتني في المنطقة الفاصلة بين جيوش متحاربة وتباهيت بالمأثرة. فأنت المنتصر أبداً. وها قد مضى نصف قرن لأكتشف أنك تقدس أشياء كثيرة ولا تؤمن إلا بما… تملك”.
تقول اسطورة “علم” المقلاة… أنه كانت هناك بحيرة سياحية وسياح على زورق. يصطادون السمك ويرمونه مباشرة في المقلاة الحامية على مائدة الفكاهة والترفيه. وقد حصل أن قفزت سمكة من الزيت لتعود إلى البحيرة.
بعد بضع سنين ظهرت، في تلك البحيرة، سلالة جديدة من سمك مقوّس لا يصلح للمقلاة… فاخترعوا التيفال الخاص بها.
ولكن… ثمة خلاف أيضاً، وليس من المنتظر، كالعادة، أن يحلّه حوار، وهو “أن السمكة قبيحة من وجهة نظر المقلاة، وليس من وجهة نظر البحيرة”
ثمة ما لا نجده لنكتبه، وثمة ما لا نكتبه، وهو عن سلالة السمكة الفارّة من المقلاة المصنوعة من التيفالات الجديدة… المصنوعة خصيصاً لكل أنواع الفرار المحتملة.
وعلى صفحة الكاتب يعرب عيسى نقرأ مسودة المخطوط الذي أنهاه قبل أيام من تفرغه لخوض معركة جسده مع المرض. وجاء فيه :
.. لا أكتب سيرة زمني، فهذه تحتاج إلى فصاحة آلامنا جميعاً، أطفالاً ويافعين، أحياء وموتى، ولا أكتب لأدين زمني…إنني أشير، عبر حياةٍ مأهولةٍ بالحروب وبالرزايا، أشير إلى النقصان بوصفه أحد أمراض المسعى الإنساني الى الكمال.
أنا، افتراضاً، بائع نسيان متجول. ليس لي ماضٍ فادح لأندم عليه، وليس لي حاضرٌ أتنعّم فيه، وليس لدي يقين الباعة المتجولين، بأن بضاعة النسيان تملك جياد مستقبل ترمح في الضوء مخلّفة وراءها غبارَ البطولات.
أنا أفرد بضاعتي على رصيف، مرّت وتمر عليه آلاف الأقدام التي، دون أن تدري، تدهسُ ناياتٍ من قصب الوداعات، فيما تذرو الريح بقايا ريش الذكريات.
ذاكرة فرح لم يزل أفراده القليلون يرشون عطراً على رقابهم ويذهبون إلى أعراس الآخرين.
ذاكرةُ أشخاص وخذلان ومواقف وقضايا.
ذاكرة أصدقاء عاشوا، حلموا، ارتحلو، انتبهوا ثم… ماتوا.
أنا بائع النسيان الذي يعطيك منديلاً فيه رائحةُ دموع اثنين افترقا، لأنهما لم يعرفا أن الحبَّ شجاعٌ، والجبنَ هو الوصفةُ الطبيةُ لنجاةٍ فقيرة.
اكتشفت، قبل إنهاء هذه السطور بدقائق، أنني بائع النسيان، ولكن أكثرَ بضائعهِ رواجاً، وأغلاها سعراً، وأفدحها مرارةً، هو التذكُّر!