السم والعسل ومعاوية
“احذر الثور من الأمام
والبغل من الخلف
ورجل الدين من جميع الجهات” ثرفانتس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال معاوية بن أبي سفيان:”أجمل اختراعات الله:السم والعسل”.
ففي حال المزج الحِرفي لهاتين المادتين، الحلوة والمّرة… يموت الخصم وهو يتلمظ بطعم العسل، فيما يتابع السم مسيرة أخرى، على طريق الموت.
معاوية كان يصفي خصومه دون الحاجة إلى تركيا، والقنصلية، والمنشار الكهربائي، وعدة محطات تلفزيونية لتسويق الغباء.
وبعيداً عن مقتل الخاشقجي، الذي يبدو غبياً على نحو كافٍ لتسميته فضيحة العصر… (إحدى فضائحه)… سنجد أمامنا مشهداً مقرفاً آخر هو الاستنفار العالمي من أجل صحفي سعودي قتلته حكومته السعودية، قطّع جثته المنشار بيد سعوديين، وفي اليوم التالي لم يعد يثير أحداً خبر الجوع اليمني الذي بدأ يطال 15 مليون بشري، نتيجة حرب الفكرة الإمبراطورية الإسلامية القائدة العالمية الحمقاء التي تورط فيها أمير شديد الحزم والعزم على ضعفاء ، وشديد الهوان أمام أقوياء.
السؤال الجنائي هو: لماذا في القنصلية وبهذه الطريقة؟
الجواب هو الغباء، والاستفشار، والاستهانة، والاستخفاف، والغرور، والمال و… الكعبة أيضاً.
إن القتل غير المطوّر إلى “علم الاغتيالات” الذي يمكن شراء وصفات له من صيدليات العالم البربري، بثياب العلماء والكهنة، هذا القتل له سابقة وقيم تأسيسية في تاريخ الإسلام. وإليك هذه القصة المسندة إلى “سيرة ابن هشام” و “السيرة الحلبية”، و”تاريخ الطبري”، و”صحيح البخاري”، يرويها الشاعر العراقي معروف الرصافي في كتابه المدهش “الشخصية المحمدية”:
قال محمد رسول الله في مجلسه ذات يوم :
“من لنا بابن الأشرف؟”
ويقصد الشاعر كعب بن الأشرف…. “فقد استعلن بعداوتنا، وهجائنا”. فتطوع محمد بن سلمة الأوسي ومعه أربعة.
بعد فترة… عاد الرجال الأربعة، فوجدوا محمداً واقفاً بباب المسجد. فرموا برأس كعب بين يديه. فحمد الله على قتله.
وفي العام 2015 أعدمت السعودية الشاعر الفلسطيني “أشرف فياض” من أجل قصيدة شكوى من عصره العربي الخانع.
السعودية لها تاريخ في الاستهتار، عندما يتعلق الأمر بأي تهديد لاستمرار ملكها الوراثي. فقد قصفت مدفعية الدبابات المسجد الحرام قبل عدة سنوات حين حوصر المتمردون فيه.
اللعنة هي: إن السعودية لا يعاقبها أحد. فلديها امكانية رشوة القاضي، والنائب،والشهود، ومسرح الجريمة… وترامب أيضاً.
مملكة فصام الشخصية هذه… ستعود يوماً إلى تجفيف الجراد لتخزينه مؤونة طعام الشتاء!