السودان يحرّر سوق الذهب لاستعادة السيطرة على قطاع ينخره التهريب
بدأ السودان السماح لتجار القطاع الخاص بتصدير الذهب، في خطوة ترمي إلى تضييق الخناق على التهريب وجذب النقد الأجنبي لخزانة البلاد التي تعاني نقصا في السيولة كان بنك السودان المركزي حتى اليوم هو الجهة الوحيدة المخول لها قانونا بشراء وتصدير الذهب وإقامة مراكز لشراء المعدن من شركات التعدين الصغيرة.
وقال القائم بأعمال محافظ البنك المركزي بدر الدين عبد الرحيم إبراهيم في أول يناير/كانون الثاني إن البنك سينهي مشترياته من الذهب بشكل كامل وفي الأسبوع الماضي، أصبحت شركة خاصة شبه مغمورة تأسست في 2015 تدعى “الفاخر” أول المستفيدين من القواعد الجديدة، لتصدر 155 كيلوغراما بشكل مبدئي.
وسيساعد أي إيراد إضافي من النظام الجديد حكومة السودان على التأقلم مع ضغط اقتصادي حاد بينما تمخر عباب مرحلة انتقال سياسي مدتها ثلاث سنوات. وتعمل الحكومة في ظل اتفاق لتقاسم السلطة بين العسكريين والمدنيين أُبرم بعد الإطاحة بعمر البشير العام الماضي.
وقال وزير الطاقة والتعدين عادل إبراهيم في نوفمبر/تشرين الثاني إن السودان أنتج ما يقدر بثلاثة وتسعين ألف طن من الذهب في 2018، مما قد يجعله ثالث أكبر منتج في أفريقيا بعد جنوب أفريقيا وغانا، بحسب أرقام هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
وفي قواعد جديدة نُشرت في اول يناير/كانون الثاني، قال البنك المركزي إن شركات التعدين الخاصة بإمكانها الآن تصدير 70 بالمئة من إنتاجها على أن تُسترد الحصيلة ويُحتفظ بها في حسابات خاصة بتلك الشركات داخل السودان. ويتعين عليها بيع الثلاثين بالمئة الباقية إلى بنك السودان المركزي.
وسيتعين أيضا على الشركات بيع أي نقد أجنبي تحصل عليه، إذا لم تستخدمه في أنشطة التعدين، مباشرة إلى البنك المركزي بسعر الصرف الرسمي، والبالغ الآن 45 جنيها سودانيا للدولار. وسعر الصرف في السوق السوداء 88 جنيها للدولار.
ورحب تجار الذهب في السودان بخطوة البنك المركزي نحو السماح بالتصدير، لكنهم قالوا إن سعر الصرف الذي حددته الحكومة واشتراط تحويل الإنتاج للبنك يجعلان العملية غير مغرية.
وقال محمد تبيدي شيخ الصاغة وأحد كبار تجار الذهب في السودان “نحن التجار نطالب بالسماح بتصدير كافة الكمية من الذهب ونرفض منح ثلاثين بالمئة لبنك السودان المركزي نطالب بأن يتم التعامل معنا من بنك السودان وفقا لسعر الدولار في السوق وحسب تفاوض مباشر بين التاجر والبنك المركزي.” وقال إن سعر الصرف الرسمي غير واقعي.
قبل القواعد الجديدة، كان البنك المركزي يشتري الذهب بأقل من السعر العالمي. ونتيجة لذلك، جرى تهريب ما يقدر بسبعين إلى ثمانين بالمئة منه إلى الخارج، بحسب مسؤولين حكوميين وتسبب التهريب في أضرار. وفقدت الحكومة مصدرها الرئيسي للنقد الأجنبي عندما انفصل جنوب السودان في 2011، آخذا معه أغلب موارد البلاد النفطية بدأ إنتاج الذهب بالشمال في الزيادة بعد هبوط الدخل من النفط، لكن نتيجة لتهريب كميات كبيرة إلى الخارج، حُرمت الدولة من مورد للنقد الأجنبي.
وقالت وزارة المالية في بيان موازنة 2020 الأسبوع الماضي إن البنك المركزي يطبع جنيهات سودانية بما يعادل 200 مليون دولار شهريا لشراء وتصدير الذهب من أجل تمويل السلع المدعمة، وبشكل أساسي الوقود والقمح وقالت إن هذا يؤدي إلى فقدان السيطرة على الاقتصاد ودخوله حالة من التضخم الجامح مع تراجع شبه مستمر لسعر الصرف في السوق الموازية.
وقال وزير المالية إبراهيم البدوي لوكالة الأنباء السودانية إن بإمكان أي شركة تصدير الذهب وفق نفس الشروط التي اتبعتها الفاخر وقال مصرفي إن النظام الجديد قد ينجح في نهاية المطاف. وأضاف “إذا التزموا به دون تغيير القواعد من حين لآخر وكان الفاعلون من القطاع الخاص بالفعل، فعندئذ نعم، سيجدي.”
ميدل إيست أون لاين