لمجرّد أن يدخل أيمن رضا مقهى في دمشق، يعني أنّ الدنيا ستقوم ولن تقعد. الرجل الذي قارب الستين من عمره، يملك طاقة شاب في العشرين. يعطي لنفسه الحق بأن يثقل بالمزاح مع أي أحد. موظفو المطاعم، سائقو التاكسي، الباعة المتجولون، أصحاب الأكشاك! «كلّهم أصدقائي» هكذا يقول لنا دائماً! مرّة سألناه: «ألا تخشَ رّدة فعل أحدهم وقد تكون غاضبة أو عنيفة، وسيكون صاحب حق مثلاً إن لم يحتملك وأقدم على ضربك، سيرتبط الأمر بك مدى حياتك وأنت نجم، بينما هو لا أحد يعرفه، ولن يعاتبه أحد».
أجاب ببديهيته الحاضرة سريعاً: «الأمر يرتبط بالفراسة. قبل أن أمازح أحد، أنظر في عينيه إذا رأيت محبّة يعني أنها بطاقة خضراء تخوّلني أن أتعاطى معه مثلما يعتقدني في قرارة نفسه. كوميدي يضحك ليل نهار وهذا ما يحدث، ولم يسبق أن سمعت أي تعليق غاضب من أي شخص واجهته في الشارع وأقبلت على مظارفته».
هذا سرّ الرجل. مرجعيّته الناس وليس الكتاب أو السينما. ثقافته «شوارعية» فعلاً بمعناها السلبي والإيجابي. تربّى في حارات دمشق القديمة، وما زال حتى اليوم يتخّذ من الحارة مرجعاً، وموّلد أفكار ومطرحاً يمسرحه على مزاجه، ويستقي منه كركترات وأفكاراً. لا يمكن أن يقول أحد بأن مشروع «بقعة ضوء» وهو أهم مسلسل كوميدي سوري تقريباً، يمكن أن يكتب له النجاح، أو يستلّذ المشاهد بطعم إن لم يكن بطله أيمن رضا. يمكن أن يستمر المشروع بدون باسم ياخور، عادي، إذ كانا مؤسساً هذه السلسلة، لكنّه غالباً سيكون باهتاً بدون «أبو همام» لأنه عمل يحكي عن روح البلاد، ووجعها ومعاناتها، ورضا خبرها عن قرب إلى درجة التماس مع القاع. ولم يتركها يوماً حتى في أحلك ظروفها، وعزّ وجعها. كان من المفترض أن يكون الجزء الجديد من المشروع بإشراف أيمن رضا، لكنّه وصل إلى اتفاق مع الشركة المنتجة «سما الفن» (سورية الدولية سابقاً) أمس بأن يكون بطل المسلسل من دون أن يتدخّل بشيء آخر سوى مكانته كممثل.
العمل سيخرجه رامي دّيوب، لكن الشركة انصاعت لوجهة نظر أيمن رضا بتعدد المخرجين، إذ سيخرج ديّوب 14 حلقة من أصل 30 لوحة، والبقيّة يتولاها مخرجون آخرون، أو ربما تجدد «سما الفن» تعاقدها مع دّيّوب ليكون مخرج المسلسل الوحيد. والأكيد بأن كلّ اللوحات ستبتعد عن المواضيع الخدمية، ونبض الشارع بحالته الاقتصادية وهو مزاج الجهة المنتجة ربمّا بتوجيه سلطوي، أو لأن المشاهد من وجهة نظرها لا يفضّل أن يرى معاناته مرة ثانية في أحد أهم أطباقه المفضلّة على وجبته الدرامية الرمضانية!