الصيد
رحلة الصيد الأولى في “قبرص” كانت في شهر نيسان/إبريل.
صباح مبكرأغبروبارد. ونحن ثلاثة متجهون إلى أحد السدود في منطقة جبلية ساحرة.
نصبنا سناراتنا، وبدأ الصيد. وفوجئت بأن السمك، لفرط جوعه، يلتهم كل طعم، حتى أننا لم نعد نوازي سرعة المنتحرات من الأسماك. وفي أقل من ساعتين كانت سلالنا ملأى…
متعة الصيد هي الحديث عنه أيضاً. وهكذا “تمنفخنا” أمام القبارصة وأمام العرب، والسياح، كلما جاءت سيرة الصيد ومهارات انتاج الأكاذيب.
بعد أسبوعين ذهبنا مرة أخرى. وقبل أن نترجل من السيارة كان هناك دورية شرطة بانتظارنا. طلبوا رخصة الصيد التي لم تكن بحوزتنا أصلاً. ثم أبلغونا برصدهم لمخالفاتنا السابقة وهي أننا نصطاد في غير الموسم. أي في وقت التكاثر وهو ممنوع. دفعنا غرامة واعتذرنا بجهلنا. ولم نذهب إلا في الموسم وبترخيص.
والأهم، أننا عرفنا سرّمهارتنا في اصطياد هذه الأسماك كونها في حالة جوع نتيجة السبات والولادة.
في إحدى المرات دعيت إلى الصيد في مدينة ساحلية شرق المتوسط (الذي اختص به عنواناً عبد الرحمن منيف) كان الزورق خاليا من شباك وسنارات وقصبات الصيد، وحين سألت ، أشار أحدهم الى صندوق خشبي بلون زيتي …
كان صندوق قنابل يدوية .
…………….
في إحدى المرات الأخرى ذهبنا إلى أحد السدود وفوجئت بأحدهم يلحق بالأسماك هزيمة حربية بواسطة أصابع الديناميت.
ودائماً، عندما اغطس في البحر باحثاً ببندقيتي المائية المشروعة، لا أجد سوى الأسماك المذعورة من منظر الإنسان واستغرب لدى مشاهدة الأفلام التي تصوّرأعماق البحار كيف يجرؤ القرش على الاقتراب والمداعبة. وتلك الأسماك الملونة وهي تتلذذ بلمسة الغواص ـ الإنسان. والآن أعرف مقدار الفارق بين الفوضى والقانون في التعاطي مع الطبيعة. إنه الفارق الذي يخلق الإلفة أو يغذي العداوة. الفارق المحترم ، بين ديناميت نوبل، ونباتية غاندي.