الضفّة فوهة بركان وقلقٌ عارمٌ من الانفجار..
تسود إسرائيل حالةً من الترقّب والحذر المشوب بالقلق، في اليوم الثاني لعيد رأس السنة حسب التقويم العبريّ، ويخشى قادة الكيان من احتمال تفجّر الأوضاع فجأةً ودون سابق إنذار، إذْ يُحذّر كبار القادة من المستوييْن الأمنيّ والسياسيّ من تنفيذ عملياتٍ عسكريّةٍ فلسطينيّةٍ خلال فترة الأعياد، والتي من شأنها إشعال فتيل الفوضى الأمنيّة بالضفّة الغربيّة.
وكشفت المصادر الإسرائيليّة الرسميّة، اليوم الثلاثاء، النقاب عن أنّ رئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عبّاس، أجرى بمبادرته اتصالاً هاتفيًا مع وزير الأمن بالكيان، الجنرال المتقاعد بيني غانتس، وأكّد موقع صحيفة (يديعوت أحرونوت) أنّ الفلسطينيين أكّدوا أنّ هدف المكالمة الهاتفية بين عبّاس وغانتس كانت تهنئة رئيس السلطة لغانتس بمناسبة حلول عيد رأس السنة لدى اليهود، ولكنّهما تحدّثا خلال المكالمة عن الوضع الأمنيّ في الضفّة الغربيّة وعن توطيد التنسيق الأمنيّ بين إسرائيل والأجهزة الأمنيّة التابعة للسلطة الفلسطينيّة، حيث طلب غانتس من عبّاس أنْ يبذل جهودًا كبيرةً من أجل وقف التصعيد بالضفّة الغربيّة، علمًا أنّ الحديث الأخير بين الرجليْن جرى قبل حوالي الشهريْن خلال اجتماعهما في مدينة رام الله، وفق الموقع العبريّ.
وفي هذا السياق، تُواصل الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية استنفارها في الضفّة الغربية والقدس المحتلّتَين، في ظلّ انتشارٍ واسع لِما يصل إلى 25 كتيبة عسكرية، في كلّ نقطة احتكاك وصِلة وصْل ومعبر، من دون أنْ يبدو هذا كلّه كفيلاً بوضع حدّ للهجمات الفلسطينية التي باتت عاملاً ثابتاً في المشهد الميداني في الفترة الأخيرة.
ولسبر غور حجم الجهود المبذولة في هذا الاستنفار، والتي تستهلك جزءًا كبيرًا من قدرات الاحتلال العمليّاتية، يُشار إلى أنّ ما يقوم به جيش الاحتلال في الضفة لا يقتصر على خطّ تماس واحد يفصل الإسرائيليين عن الفلسطينيين، كما هو الوضع في غزة مثلاً، بل ثمّة أجزاء واسعة ومتعدّدة متداخلة ما بين البلدات والقرى الفلسطينية والمستوطنات الإسرائيلية، ما يعني وجود خطّ تماس دائري حول كلّ مستوطنة، يتوجّب على جيش الاحتلال إغلاقه بإحكام كي لا يتسرّب من خلاله الفلسطينيون، الذين باتوا يحوزون في الآونة الحديثة، إلى جانب إرادتهم تنفيذ العمليات، القدرة المادّية اللازمة لذلك.
مُضافًا إلى ذلك، فإنّه إلى جانب تلك الخطوط، المتركّزة خصوصًا في شمال الضفة، وعلى نحوٍ خاصٍّ في مدينتيْ نابلس وجين، يُضاف خطّ التماس التقليدي، الذي يُطلق عليه الخطّ الأخضر، والذي يفصل الضفة عن أراضي عام 1948، ويَلزم الاحتلال تحصينُه أيضًا كي لا يتسرّب عبره الفلسطينيون.
إلى ذلك، أكّدت المصادر الأمنيّة في تل أبيب أنّ سلطات الاحتلال نشرت المئات من ضبّاط وعناصر الشرطة و(حرس الحدود) في مدينة القدس، بما يشمل البلدة القديمة ومواقع التصعيد المعتادة مع الفلسطينيين، بهدف تأمين وصول المستوطنين إلى الحرم القدسي خلال (الأعياد اليهودية)، والتي ستستمّر حتى منتصف الشهر القادم.
وكانت المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية قرّرت، عشيّة المناسبات اليهودية، اعتماد تكتيكات ميدانية مختلفة، منها على سبيل الذكر لا الحصر، التقليل من المبادرات الهجومية (الاعتداءات) داخل القرى والبلدات الفلسطينية، ومضاعفة الاعتماد على الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، في أعقاب التوصّل إلى تفاهم مع الأخيرة على إعادة (التنسيق) إلى سابق عهده.
وطبقًا للإعلام العبري، فقد شدّد قادة السلطة في رام الله على ضرورة تقليل الأنشطة العملانية للجيش الإسرائيلي داخل نابلس وجنين ولو قليلاً، كي يتمكّنوا من العودة إلى العمل بأنفسهم بزخم أكبر، وفي هذا السياق نقل (YNET) الموقع الالكترونيّ لصحيفة (يديعوت أحرونوت)، عن محفلٍ إسرائيليٍّ رفيعٍ قوله إنّ “تبادل إطلاق النار بين مسلّحين فلسطينيين وقوات الأمن الفلسطينية، بعد أن اعتقلت الأخيرة الناشط في حركة حماس، مصعب اشتية، وستّة من سكان نابلس، إثر قيامهم بالتحريض” ضدّ الاحتلال، يشير إلى “إمكانية العمل، والى الدور الذي باتت تضطلع به السلطة في شمال الضفة، حيث أثار اعتقال اشتية موجة إخلال بالنظام والمطالبة بإطلاق سراحه، لكن المقاومة التي واجهتْها السلطة في نابلس ليست كبيرة، فهم مجرّد عشرات من الشبان المُحرَّضين”، وفق المصدر الإسرائيليّ.
جديرٌ بالذكر أنّ تل أبيب عبّرت عن ارتياحها من استمرار التنسيق الأمنيّ مع السلطة الفلسطينيّة، على الرغم من أنّ الاتصالات السياسيّة، وطبعًا المفاوضات، منقطعة بين الطرفيْن منذ سنواتٍ طويلةٍ.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية