تحليلات سياسيةسلايد

العدو يتراجع عن تقديراته: لا أمل في «غزة مطهّرة»

يوسف فارس   

تؤكد الوقائع الميدانية الجارية في قطاع غزة أن الهدوء الذي شهده الميدان خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، لا يرتبط بالعجز عن القيام بالفعل المقاوِم الضاغط، بقدر ما هو تكتيك أملته ظروف وضرورات. وفيما أغرى هذا الهدوء رئيس أركان جيش الاحتلال، هرتسي هاليفي، للإعلان عن الانتهاء من تدمير وتفكيك كل خلايا «كتائب القسام» في مدينة رفح، قدّم المقاومون في المدينة خلال الأيام الماضية ما يؤكد أنهم أبعد ما يكونون عن التفكّك والانتهاء. ففي غضون الأسبوع الفائت، تمكّن المقاومون من تنفيذ ثلاث عمليات كبيرة ونوعية قياساً إلى حجم القوات الإسرائيلية المحدود الموجود في المدينة، والمدى الأفقي الضيق لانتشارها مقارنة بأشهر الحرب العشرة الماضية. أولى تلك العمليات، هي الكمين المحكم الذي تسبّب بمقتل أربعة جنود اتضح لاحقاً أنهم لقوا حتفهم في تفجير مبنى مفخّخ في محيط محور «فيلادلفيا»، فضلاً عن إصابة ثمانية آخرين. أما المهمة الثانية التي عرضت المقاومة مشاهد مُصوّرة لها، فكانت إطلاق قذيفة مضادة للدروع في اتجاه ناقلة جند إسرائيلية في حي تل السلطان في المدينة وتفجير جرافة «دي ناين». وظهر أحد المقاومين في مقطع مُصوّر، وهو يعتلي الجرافة التي عجز جنود العدو عن سحبها ويرفع عليها راية «كتائب القسام» قبل أن يضرم النيران فيها. كذلك، بثّت «سرايا القدس» مشاهد مُصوّرة أظهرت قيام مقاوميها بتفجير آلية عسكرية بقذيفة مضادة للدروع. وأمس، أعلنت «كتائب القسام» أن مقاوميها أبلغوا، بعد عودتهم من خطوط القتال، عن إيقاع رتل من الآليات في محيط شركة الاتصالات في رفح في كمين محكم، حيث تمكّنوا من تفجير ناقلة جند بعبوتي «شواظ»، ثم استهداف ناقلة أخرى بقذيفة «الياسين 105». وفي غضون الأسبوع الماضي أيضاً، نفّذت المقاومة عدداً من عمليات إطلاق الصواريخ تجاه مستوطنات غلاف غزة ومدينتي عسقلان وأسدود.

تلك العمليات المتلاحقة، والتي أعقبت أسابيع من الهدوء أسهمت في صناعة نوع من النشوة في صفوف المحللين العسكريين الإسرائيليين، على اعتبار أن الجيش تمكّن فعلاً من إنجاز مهامه في القضاء على «حماس»، دفعت إذاعة جيش الاحتلال إلى الإقرار بأن «عمليات رفح تثبت أنه حتى إذا تمكّن الجيش من القضاء على كتائب حماس في المدينة، فإن المسلحين سيظلّون قادرين على استهداف الجنود». وكان هذا الإقرار بمثابة تفريغ لتصريحات رئيس الأركان من مضمونها، ولا سيما أن إذاعة الجيش رأت أن الحرب في غزة ستأخذ شكل المواجهات التي يشنها المقاومون على الجنود الإسرائيليين بأدوات مثل الصواريخ المضادة للدروع والعبوات الناسفة لمدة طويلة. أما عن هاجس المباني المفخّخة، فإن الإذاعة نفسها أوردت أرقاماً مهولة، إذ تحدّثت عن تمكّن المقاومة من تفجير 14 ألف مبنى في مدينة رفح وحدها، ما يعني أن أحياء وبلدات كاملة ستغدو كمائن قاتلة تنتظر لحظة الخطأ والغفلة لتتحوّل بعض المباني فيها إلى مقتلة لجنود العدو.

وعلى هامش ما تقدّم، عادت صحيفة «يسرائيل هيوم» إلى الترويج لخطة الجنرالات التي تهدف إلى تهجير سكان شمال القطاع، كما عاد اليمين المتطرّف لمطالبة الجيش بتولي مهمة توزيع المساعدات على سكان الشمال عوضاً عن المؤسسات الدولية. ووسط كل المقترحات المتناقضة، يقول الواقع الميداني كلمته: «لا المقاومة في وارد رفع الراية البيضاء، ولا جيش الاحتلال قادر على الإنجاز عبر اجتراح ضغوط أكبر مما مارسه طوال الأشهر الماضية».

 

 

صحيفة الاخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى