العشائر تمنح «قسد» فترة سماح: لا تراجع عن المطالب

 

ساد الهدوء النسبي بلدات الشحيل وذيبان والحوايج في ريف دير الزور الشرقي، بعد ثلاثة أيام على مواجهات مسلحة بين أهالي تلك البلدات و»قسد»، على خلفية اتهام الأخيرة بالوقوف وراء حوادث اغتيال عدد من الزعامات العشائرية. وكانت «قسد» استقدمت تعزيزات كبيرة إلى محيط البلدات الثلاث، وفرضت حظراً كاملاً للتجوال فيها، كما نفذت حملة اعتقالات في مناطق الزوية والشهابات، من دون اتّضاح الأسباب. وتزامن ذلك مع مقتل قائد فوج البوكمال التابع لـ»قسد»، شعبان المعاط، برصاص مسلّحين مجهولين كانوا يستقلّون دراجة نارية في أطراف بلدة هجين شرق دير الزور.

في المقابل، برز بيان لقبيلة العكيدات تضمّن تصعيداً واضحاً بوجه «التحالف الدولي» (بقيادة واشنطن) و»قسد»، إذ حمّلهما مسؤولية إلقاء القبض على قَتَلة شيوخ العشائر ووجهائها، وأمهلهما شهراً واحداً لتسليم قتلة أحد أبرز شيوخ العكيدات، مطشر الهفل. وهدّدت القبيلة، في بيانها، بأنها «ستتصرّف بما تراه مناسباً لحماية الديار والممتلكات، في حال عدم ضبط الأمن في المنطقة»، داعيةً أبناء المنطقة إلى «الوقوف صفاً واحداً من أجل حمايتها مِن كلّ مَن يستبيحون دماءها وينهبون ثرواتها… فالديار التي لا يحميها أبناؤها لا يحميها الغرباء الطامعون»، في ما فُهم على أنه إشارة إلى «قسد» و»التحالف».

وتفاعلاً مع تلك الدعوة، أبدى شيوخ بقية العشائر ووجهاؤها استعدادهم لدعم قبيلة العكيدات بكلّ الإمكانات المتاحة، في موقف يعكس استفاقة العشائر إلى قدرتها على ممارسة دور وازن في المنطقة. واتهم مجلس شيوخ ووجهاء العشائر في الحسكة، في بيان، «المحتلّ الأميركي بإثارة الفتنة بين مكوّنات المجتمع من عرب وكرد، من خلال أساليب القتل الخسيسة»، حاضّاً «أبناء دير الزور على الوقوف ضدّ المحتلّ الأميركي الذي يتحمّل المسؤولية القانونية عن استشهاد مَن طالتهم يد الغدر والإجرام»، وداعياً الأهالي إلى «تصعيد المقاومة الشعبية ضدّ المحتل الأميركي لتحرير الأرض من دنسه».

من جهتها، وفي محاولة منها لتهدئة العشائر وامتصاص الغليان الشعبي، نشرت مواقع كردية تابعة لـ»قسد» اعترافات لما قالت إنها «إحدى خلايا النظام»، التي تقف وراء عمليات الاغتيال الأخيرة. وأشارت وكالة «فرات»، الناطقة باسم «الإدارة الذاتية» الكردية، إلى أن الجهات الأمنية التابعة لـ»قسد» «ألقت القبض على أحد أفراد خلية تابعة للمخابرات السورية تقف وراء حوادث استهداف واغتيال شيوخ العشائر». ووفق الاعترافات المزعومة، فإن «المخابرات السورية أَسّست المقاومة العربية المسلّحة على شكل خلايا لاغتيال مشائخ العشائر ورؤساء المجالس المحلية التابعة لقسد في الحسكة ودير الزور».

وتعليقاً على ذلك، اعتبر العديد من المصادر العشائرية اتهامات «قسد» للحكومة السورية «ردّاً غير موفق على بيان الخارجية السورية، الذي توعّدهم بالهزيمة قريباً»، على خلفية الإعلان الأميركي عن التعاقد مع «قسد» لبدء استثمار النفط في شرق سوريا. وفي هذا السياق، يؤكد مصدر عشائري من ريف دير الزور الشرقي، في حديث إلى «الأخبار»، «استمرار الاستياء العشائري من قسد، التي تصرّ على استخدام القوة لفرض سلطتها وسطوتها على المنطقة». ويطالب المصدر «قسد» بـ»فكّ الحصار عن قرى الشحيل وذيبان والحوائج، وإطلاق سراح المعتقلين، لضمان عدم التصعيد من الأهالي»، لافتاً إلى أن «وجهاء العشائر طالبوا الأهالي بعدم الاستجابة إلى دعوات التظاهر يوم الجمعة (أمس)، كبادرة حسن نية»، مضيفاً أن «الكلّ يأمل تغليب لغة العقل، وتسليم قتلة وجهاء العشائر وشيوخها، وإعادة الهيبة للعشائر في مناطقها». ويكشف المصدر عن «مساعٍ لعقد اجتماعات عشائرية لتوحيد كلمة العشائر في المنطقة، وضرورة أخذها دورها الحقيقي الذي يتناسب مع ثقلها الديموغرافي».

في هذا الوقت، كسرت روسيا، أمس، صمتها عن الأحداث في الريف الديري، بإصدار وزارة الدفاع فيها بياناً لفت إلى أن «الوضع في المناطق الواقعة خارج سيطرة الدولة السورية في دير الزور يتأزّم يوماً بعد يوم». وأبدت الوزارة «استعداد سوريا وروسيا لاتخاذ جميع التدابير اللازمة لتسوية الوضع في مناطق الجزيرة السورية».

صحيفة الأخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى