العقدة
العقدة … مونتسيكو الفرنسي قال:
“الديمقراطية الحقيقية لم توجد قط، ولن توجد”،
“وإن الديمقراطية البرلمانية هي أسوأ الأنظمة، قاطبة…باستثناء الأخرى كلها”..هذا ما قاله تشرشل البريطاني.
عمر الديمقراطية اليونانية ثلاثون قرناً. هذا تاريخ.
فماذا عن الديمقراطية “العربية”،والسؤال بمناسبة هذه الديمقراطيات السائحة والدموية . تسونامي الانتفاضات والاضطرابات المكشر عن أنيابه.
ليس سراً “فكرياً”… إن الديمقراطية ليست الانتخابات وصناديق الاقتراع. ولا قبة البرلمان، ومجلس الشيوخ.
فالأصوات، وحدها، قد تذهب إلى زعماء العشائر والقبائل والأديان.
والبرلمان، وحده، مجرد تصويت على ما يتقرر في صف الأغلبية التي جاءت من منطقة العشائر والقبائل والأديان، وثمة متفرجون كثيرون أيضا.
والديمقراطية ليست تنفيذاً لبنود موجودة في الدستور…فالدستور، نفسه، صفحات قابلة للطي بقرار تلك الأصوات الآتية من…والذاهبة إلى…وعند الطي والنشر لصفحات الدستور قد تذهب أفضل صفحات النصوص إلى مطحنة الورق…
الديمقراطية الأوروبية جاءت، بعد كفاح طويل، من صفوف مجتمع المنتجين وأصحاب الأثر في عمليات دمج السوق بالانتاج، والبشر ببيئتهم، والثقافة بالحوار، والتنافس على شرف المسؤولية، لا على مهارة اللصوص، في تنظيم المافيات.
هنا لا يوجد صراع الكفاءات والولاءات.
والديمقراطية جاءت من المحاولات الدؤوبة لتقليص الفارق بين الناس، عبر توزيع الكفاية في الحد الأدنى، والارتفاع المضطرد لمستوى معيشة الأفراد، وتأمين مقتضيات التعليم والصحة والثقافة والفنون والتغذية والرياضة.
الديمقراطية هي محاولة في جعل سيادة الدولة محصلة حرية الأفراد، وبلغة التأمين هي “الأمن للوطن والأمان للمواطن”. وإذا كانت الديكتاتورية، أو حكم الفرد، تمنع التعبير عن التناقضات بالقمع والقوة ، فتخنقها بالتجميد. فإن الديمقراطية تسمح للتناقضات، ولكن في حقلها السلمي…بالتمجيد .
الديمقراطية هي الحرية وقد حاولت أن تغدو نظاماً.
الفوضى وقد حاولت أن تصبح حرية.
يد تفك عقدة الحبل ، لابالسكين ، بل بمهارة المعرفة بخطوط التشابك.
وقد تكون العقدة قابلة للحل بمجرد فركها بقطعة صابون محلي.
إننا اليوم ، في مخاض عالم عربي لا يعرف ماذا يريد…
ولكنه ينبغي أن يعرف ، بالتأكيد ، ما الذي لا يريد !
عندنا، في سورية، بعد الحرب، ازداد يقيني باستحالة الديمقراطية. والمرحلة المقبلة هي تصفيات موسم المرحلة المدبرة.
مثلا: لم يلتق سوري بسوري في كل مفاوضات جنيف، وحكى لنا أحدهم: أنهم يتزاورون (ليس من الزيارة بل من الزور) إذا ما التقى وجه بوجه صدفة. أما المفاوضات مع إسرائيل فقدكانت مباشرة دائماً.
انا وفريق من جماعة الحدائق والغابات…سنحاول، نظل نحاول، إيجاد لغة حواربين ، بين الفراشة والذئب.
ولكن فيما نحلم بذلك تتكلم المدافع في بلدان الديموقراطية.