العمالة المهاجرة في الخليج ستكون أكبر ضحايا صدمة انهيار أسعار النفط
سيكون جيش العمالة المهاجرة في السعودية بين أكبر الخاسرين من هبوط أسعار النفط، وسيمتد التأثير إلى الدول الفقيرة في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، وهي المناطق التي تأتي منها العمالة المهاجرة. وتعتمد السعودية على العمالة المهاجرة بدرجة أكبر من دول كبيرة أخرى، باستثناء الإمارات العربية المتحدة، وفقاً لإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة.
وجاءت الطفرة النفطية بتدفقات غير مسبوقة من المهاجرين أغلبهم من الدول الأكثر فقراً في الشرق الأوسط وجنوب أسيا وجنوب شرق أسيا. وزاد عدد المهاجرين المقيمين في السعودية إلى المثلين تقريباً من 5.3 مليون في عام 2000 إلى 10.2 مليون في 2015. وتستضيف السعودية مهاجرين أكثر من أي دولة أخرى في العالم، باستثناء الولايات المتحدة (47 مليونا) وألمانيا (12 مليونا) وروسيا (12 مليونا).
ويمثل المهاجرون 32 في المئة من السكان المقيمين، ارتفاعا من أقل من 25 في المئة في عام 2000. وعند حساب الذكور ترتفع النسبة إلى 39 في المئة. وزادت نسبة المهاجرين إلى السكان وقوة العمل رغم محاولات لتشجيع توظيف السعوديين، في إطار سياسات «السعودة» الرسمية، التي يجري انتهاجها بشكل متقطع على مدى العقود الاربعة الماضية.
وفي عام 2015 كانت السعودية تستضيف 1.9 مليون مهاجر من الهند، و1.3مليون من أندونيسيا، و1.1 مليون من باكستان، و970 ألفا من بنغلادش، و730 ألفا من مصر، و620 ألفا من سوريا، و580 ألفا من اليمن، وفقا لبيانات الأمم المتحدة. وجاءت أعداد أقل ولكنها تظل كبيرة من أفغانستان (365 ألفا) والسودان (365 ألفا) ونيبال (380 ألفا) وميانمار (200 ألف) والأردن (180 ألفا) واثيوبيا (125 ألفا) ولبنان (115 ألفا).
وفي 2014 أرسل العمال المهاجرون إلى عائلاتهم تحويلات نقدية قدرت بحوالي 36 مليار دولار وفقا لأرقام لصندوق النقد الدولي. وتلعب تحويلات العاملين في السعودية دورا حيويا في بعض الاقتصادات الأفقر والأصغر حجما في الشرق الأوسط وآسيا.
لكن هذا النموذج الاقتصادي يتعرض الان للتهديد بسبب تراجع أسعار النفط، الذي دفع موازنة الحكومة إلى عجز كبير والاقتصاد ليقترب من الركود. أصبح تكثيف الجهود لسعودة قوة العمل جزءا رئيسيا في برنامج الحكومة، للتكيف مع أسعار النفط المنخفضة، وخلق المزيد من فرص العمل في القطاع الخاص. وحتى قبل انخفاض أسعار النفط كان معدل البطالة بين المواطنين السعوديين 11.7 في المئة وفقا لصندوق النقد الدولي.
لكن معدل البطالة كان أسوأ بين فئات سكانية معينة، منها النساء (33 في المئة)، والشبان في الفئة العمرية بين 15 و19 عاما (49 في المئة)، والفئة العمرية بين 20 و24 عاما (41 في المئة)، والفئة العمرية بين 25 و29 عاما (22 في المئة). ومعدلات البطالة أسوأ في بعض المناطق ذات الأهمية السياسية والمحافظة مثل الرياض وحائل ومنطقة الحدود الشمالية.
وجاء في ملاحظات صندوق النقد الدولي على الاقتصاد السعودي قبل هبوط أسعار النفط «ليس خلق فرص عمل هو المشكلة – فنمو التوظيف قوي- لكن غالبية هذه الوظائف يشغلها مغتربون.» ومع تباطؤ النمو، وإرتفاع نسبة الشباب بين السكان، وعدم قدرة الحكومة على خلق المزيد من فرص العمل في القطاع العام، أصبحت الحاجة ملحة لإيجاد المزيد من فرص العمل للمواطنين.
وجرى تكثيف سياسة السعودة، مما أثار مخاوف لدى العديد من المهاجرين بشأن احتمالات استمرارهم في العمل والإقامة في المملكة. وفي حين تسعى الحكومة للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، والإبقاء على السيولة وسط هبوط طويل الأمد في أسعار النفط وعائداته، تصبح المدفوعات للعمالة الأجنبية وحتى وظائفها هي المصدر الأكثر إغراء للتوفير.
نفس الشيء في بقية دول الخليج
ومن المرجح أن تظهر نفس الضغوط لتقليل عدد المهاجرين في الاقتصادات الأخرى المعتمدة على النفط في الخليج. وإلى جانب 10.1 مليون مهاجر في السعودية يوجد 8.1 مليون في الإمارات العربية المتحدة، و2.9 مليون في الكويت، و1.8 مليون في سلطنة عمان، و1.7 مليون في قطر، و700 ألف في البحرين.ووفقا لحسابات الأمم المتحدة فإن نسبة المهاجرين في أغلب هذه البلدان إلى السكان المحليين ربما تكون أكبر من السعودية.
والوضع في كل بلد مختلف. فبعضها يعتمد اقتصادها على القطاع البترول أكثر من الآخرين. وبعضها يملك احتياطيات أجنبية أكبر. وتتنوع أصول المهاجرين بشكل كبير.
ويوجد في منطقة غرب أسيا التي تشمل دول الخليج أكبر حصة من المهاجرين إلى السكان أي منطقة بالعالم بعد أمريكا الشمالية. وتزيد هذه الحصة كثيرا في الخليج.
وإجمالا يوجد أكثر من 25 مليون مهاجر في أنحاء الخليج، من بينهم ثمانية ملايين من الهنود، وثلاثة ملايين من باكستان، وثلاثة ملايين من بنغلادش، ومليونان من مصر، و1.8 مليون من إندونيسيا. وكل هذه الدول ليست مصدرا كبيرا صافيا للنفط لكن من المنتظر أن تعاني من تداعيات الأزمة النفطية.
فإذا تراجعت التحويلات المالية الآتية من الخليج، أو أعيدت العمالة إلى بلدانها، فإن ذلك قد يؤثر بشدة بشكل خاص على بعض هذه الاقتصادات الضعيفة. واستوعبت الاقتصادات الخليجية الكثير من العمال الشبان وأغلبهم من الذكور من أفقر دول العالم، لذا فإن التبعات قد تتعدى التأثير الاقتصادي لتشمل التأثير على الاستقرار الاجتماعي ومكافحة الإرهاب.