الفشل يلاحق البعثة الأمميّة

 

في محاولة أخيرة من أجل إنجاح «ملتقى الحوار السياسي الليبي»، تعمل البعثة الأممية على تشكيل لجان دستورية واستشارية، إلى جانب لجنة للصياغة، من أجل تخطّي عقبة آلية اختيار المناصب التنفيذية، والتي أخفق المقترح الأممي الأخير في شأنها في تجاوز التصويت الذي جرى عليه خلال اليومين الماضيين بالتقنيات الرقمية. وكانت البعثة منحت ممثّلي التيارات الليبية خيارين: الأوّل اختيار رئيس «المجلس الرئاسي» ونائبَيه ورئيس الحكومة بموافقة ثلثي أعضاء «الملتقى» إلى جانب أصوات «50+1» من كلّ إقليم، أو الاختيار بموافقة 61% مع إبقاء الشروط الأخيرة نفسها (أي المتّصلة بأصوات الأقاليم). إلا أن المقترحين المذكورين تسبّبا في حالة من الغضب تجاه المبعوثة الأممية بالإنابة، ستيفاني ويليامز، ودفعا ثلث أعضاء لجنة الحوار إلى العزوف عن التصويت. ويرى الرافضون للمقترحات الأممية في قبول أيّ من الآليتين موافقة على استمرار فائز السراج رئيساً للحكومة خلال المرحلة الانتقالية التي تسبق إجراء الانتخابات نهاية العام المقبل. والمقترحان الأخيران هما ما تَبقّى من مقترحات عشرة خضعت للتصويت على مدار الأيام الماضية، تقوم جميعها على تقسيم المناصب وفق منطق المحاصصة. إذ تَسبّب رفض معظم تلك المقترحات التي لم تحظَ بتوافق 75% من المجتمعين، والسعي الأممي إلى إرضاء جميع الأطراف، في جعل التصويت الأخير يجري بناءً على أفكار جديدة مستخلصة مما سبق.

بناءً عليه، باتت أيّام ويليامز في هذه المهمّة معدودة، مع إخفاقها في الوصول إلى حلّ جذري، على رغم أجواء التفاؤل التي بثّتها في الأسابيع الماضية. والجدير ذكره، هنا، أن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، استقرّ على ترشيح البلغاري نيكولاي ملادينوف مبعوثاً أممياً في القضية الليبية (مبعوث المنظمة الدولية لـ«عملية السلام» في الشرق الأوسط حالياً)، علماً أن التسمية النهائية قد تُرجأ إلى بداية العام بعد انتهاء عطلة الأعياد، وذلك لمنح ويليامز مزيداً من الوقت في مفاوضاتها، خاصة أنها تعمل على أكثر من مسار، بخلاف التسميات المرتبطة بالمناصب السيادية في المرحلة الانتقالية. وبالعودة إلى «ملتقى الحوار»، لا يزال المشاركون وعددهم 75 منقسمين، بعدما تلقّى بعضهم وعوداً بمناصب في المرحلة الانتقالية فيما سئم آخرون تكرار الأحاديث نفسها. ويبقى الدور الأكبر ملقى على عاتق البعثة الأممية التي بدأت مناقشات منفردة مع الأعضاء خلال اليومين الماضيين، للتوصّل إلى رؤية تنهي الاجتماعات التي اقتربت من دخول شهرها الثاني من دون تحقيق نتائج تُذكر.

في غضون ذلك، وفي ما وُصف بأنه «لقاء فني»، ضمّ اجتماعٌ ممثّلين عن فرعَي «مصرف ليبيا المركزي» ومسؤولين آخرين من دول عدّة في جنيف على مدار يومين، من أجل مناقشة الأزمة الاقتصادية، بمشاركة مصرية وأميركية، فضلاً عن الأوروبيين. وتمحورت المحادثات حول سعر الصرف ومحاولات ضبطه والاتجاه نحو تعديله من أجل تسوية الصكوك وإصلاح الخلل في النظام المصرفي. لكن هذا اللقاء الذي تحاول به الأمم المتحدة التركيز على الشق الاقتصادي، لن ينجح من دون توافق سياسي على توحيد فرعَي المصرف، خاصة أن الضخّ المتزايد لكميات النفط الليبي خلال الشهر الماضي لم تدخل عائداته في حسابات المصرف، بل جُمّدت في انتظار التوافق السياسي، فضلاً عن التحقيق في أوجه إنفاق العائدات عن السنوات الماضية، وهي خطوة تولّد ضغطاً قوياً من رئيس «المؤسسة الليبية للنفط» على الأطراف المختلفة.

على خطّ موازٍ، وفي جلسة لم تحظَ بالتوافق، استجاب عدد من نواب البرلمان لدعوة رئيسهم، عقيلة صالح، إلى عقد جلسة في بنغازي. يأتي ذلك في ظلّ تواصل الترتيبات لعقد جلسة بمشاركة مختلف النواب في غدامس، على أن تكون هي الاجتماع الأول لكامل البرلمان منذ عام 2014، علماً أن صالح عطّل الانعقاد الكامل الأسبوع الماضي، مُفضّلاً انتظار ما سيخرج من الحوار السياسي. وعلى رغم التوتر العسكري في ظلّ تلويح حكومة «الوفاق الوطني» بالانسحاب من الهدنة بينها وبين قوات خليفة حفتر، تزايدت الدعوات إلى تدخل سياسي ضاغط على الجميع لقبول التسوية، وبدء المرحلة التالية من «اتفاق جنيف» بتشكيل الإدارة الانتقالية التي يمكنها تهيئة الأجواء للانتخابات.

 

 

صحيفة الاخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى