القطاع العقاري في لبنان يتدحرج نحو الهاوية
القطاع العقاري في لبنان في طريقه نحو الهاوية، صيحات فزع يطلقها الخبراء في ظل نشاطه المحدود واسعاره المنخفضة و فرض ضرائب جديدة عليه تكبله وتقيده. وللقطاع العقاري أهمية كبيرة بالنسبة إلى الإقتصاد اللبناني، إذ يشكل ما بين 25% الى 30% من الإقتصاد اللبناني، فيما تشكل القروض العقارية أكثر من ثلث إجمالي القروض المصرفية في لبنان.
ويساهم القطاع في تشغيل نحو 70 مهنة أو عملا تجاريا في قطاعات الصناعة والسياحة والتجارة والمقاولات والقطاع المصرفي. ويسجل القطاع العقاري في لبنان للعام الثالث على التوالي نسب متدنية لأسباب داخلية وخارجية. ويشكل الوضع السياسي الداخلي والإقليمي غير المستقر حاجزاً جدياً يمنع معظم اللبنانيين من استثمار مبالغ مالية كبيرة في الأصول الثابتة كالعقار.
كما يؤثر تدهور الوضع الامني والسياسي في بعض دول الجوار سلبا على مزاج المستثمرين اللبنانيين. وتسببت زيادة الرسوم على القطاع العقاري التي أقرها مجلس النواب في تجميد القطاع العقاري وفق وصف المعنيين. ويعكر صفو القطاع العقاري في لبنان التجاذبات السياسية والتباين الحاد حول أمور مصيرية تتعلق بقانون الانتخاب والموازنة والضرائب.
كان القطاع ينتظر اعفاءه من بعض الرسوم الضريبية لتعويض ما فاته خلال الفترة السابقة، لكن جاءت زيادة الضرائب لتزيد الامور سوءاً بالنسبة الى التجار والمطوّرين والزبائن. وعبر الخبير العقاري رجا مكارم عن عدم ثقته في نهوض القطاع العقاري من كبوته خصوصاً مع ما تضمنه مشروع موازنة 2017 من ضرائب جديدة.
وطالما كان رجا يعتبر أن مرحلة الجمود المسيطرة لا بد من أن تزول مع بروز بوادر ايجابية على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. ولكن الضرائب الجديدة غيّرت نظرته المتفائلة الى متشائمة الى حد القول أن “وقعها سيكون كارثياً على القطاع”، واستغرب أن يعمد المسؤولون الى فرض ضرائب عشوائية على قطاع يعاني من أزمات ويرزح تحت ركود قاتل .
وقال الخبير العقاري “انهم يرتكبون جريمة بشعة في حق هذا القطاع، وإذا لم يسارع أصحاب القرار في مجلس النواب الى تصحيح الوضع فإن الانهيار قادم لا محالة”.
ويشير الخبير الاقتصادي غازي وزني الى ان الضرائب اتت في التوقيت الخاطئ، في وقت يرزح فيه القطاع تحت وطأة الجمود وتراجع اهتمامات المستثمرين الاجانب والمغتربين اللبنانيين، وفي ظل تراجع مداخيل الدولة والافاق السياسية والامنية الملبّدة. وقال إذ كان على الحكومة، وفق وزني، أن تفرض هذه الضرائب ما بين عامي 2007 و2012، أما الآن فعليها اعادة النظر فيها.
وسارعت جمعية منشئي الأبنية في لبنان الى ارسال كتاب اعتراض الى وزارة المال فصّلت فيه ملاحظاتها على الضرائب المستحدثة في موازنة 2017. واعتبرت الجمعية ان ان الضرائب المفروضة في موازنة 2017 في ظل ركود الاقتصاد عالمياً واقليمياً ستؤدي الى تقزيم الاقتصاد ولا سيما ان هذه الموازنة وضعت منذ أعوام كان فيها الاقتصاد اكثر ازدهارا ونسبة النمو فيه اعلى مما هي عليه اليوم.
تخمة عقارية
يشهد القطاع العقاري في لبنان تخمة، إذ ثمة عدد كبير من الشقق السكنية لا تباع. ورات الجمعية أن “السوق تعاني من كثرة العرض وقلة الطلب وتعاني كذلك من احجام الخليجيين والمغتربين عن شراء الشقق الصغيرة والكبيرة بل انهم يبادرون الى بيع ممتلاكاتهم مما تسبب في عدم تطابق بين العرض والطلب، هذا بالاضافة الى ارتفاع كلفة التنفيذ بسبب فرض الرقابة التقنية على الابنية بعد مرسوم السلامة العامة”. ويخشى المعنيون بالقطاع العقاري من احتضاره في المستقبل اذا استمرت الظروف الراهنة على حالها..
جمود قاتل
ويؤكد رئيس نقابة مقاولي الاشغال العامة والبناء مارون الحلو جامد، ان تطوّر العقار مرتبط بالعرض والطلب، في حين لم يكن هناك طلب في الفترة الاخيرة. وافاد الحلو الى ان المرحلة الحالية يغلب عليها الجمود القاتل، إذ “لا تداول في العقارات، وهذا يعود الى الوضع العام في البلاد”. ويؤكد خبراء ان الانخفاض في اسعار العقارات يصل الى أكثر من 30%.
ونصح مكارم باقتناص الفرص للشراء. ولكنه في المقابل لا ينصح بالبيع لأن الوضع لن يبقى على حاله مستقبلاً وسترتفع الاسعار حتماً عندما تتحسن الظروف.
وساهمت الظروف الحالية في نفور رجال الاعمال والمقاولين من انجاز المشاريع العقارية والسكنية.
وافاد الخبير اللبناني المعروف رجا مكارم ان العزوف عن اقامة المجمعات السكنية يعود بالاساس الى استمرار ارتفاع أسعار الاراضي في مقابل انخفاض اسعار الشقق، وطالب بضرورة تخفيض اسعار الاراضي لتشجيع المطوّر على تنفيذ مشاريعه مع التخفيف لتنشيط السوق”.
هل تنعش الحركة السياحية قطاع العقارات؟
اعتبر خبراء ان السياحة التي تنتعش وتزدهر في الصيف بالخصوص هي قطاع منفصل عن قطاع العقارات، وافادوا ان السائح العربي او الخليجي يعول بالاساس على كراء الشقق والاقامة في النزل وفي غالب الاحيان فان لا رغبة لديه للاستثمار في لبنان.
ويعتبر المغتربون وبدرجة أقل المستثمرون والسياح الخليجيون بالتحديد، العصب الرئيسي لتفعيل عجلة الاقتصاد في لبنان.
وأدى تباطؤ الاقتصاد العالمي، وهبوط أسعار النفط الخام، إلى التأثير سلباً على إنفاق الخليجيين والمغتربين داخل لبنان، على مستوى الاستهلاك أو الاستثمار. واكد مراقبون ان الوصفة السحرية لاعادة الازدهار للقطاع العقاري تتمثل في الاستقرار السياسي، وانتهاء الحرب في سوريا ومراجعة القانون المتعلق بالضرائب.
على الجانب الاخر، يعتبر مراقبون ان الضرائب الجديدة في القطاع العقاري ليست مجحفة باعتبارها ستدخل الى الخزينة مباشرة. كما ان اغلب المستثمرين في القطاع يجنون ارباحاً طائلة وثروات كبيرة..
وافاد خبير ان الضريبة على الأرباح العقارية تعتبر مقبولة مقارنة بأرباح التجار والمستثمرين، شرط أن تكون مدروسة”.
وقال خبير العقارات اللبناني روي حويس إن أسعار الشقق في لبنان بدأت الارتفاع السريع منذ العام 2007، أي بعد الحرب الاسرائيلية على لبنان في تموز 2006، وبقيت الأسعار آخذة بالإرتفاع بنسبة 100% حتى 2011. وأضاف إن عامي 2014 و2015 شهدا تراجع الأرباح القطاع العقاري، مع هبوط مبيعات الشقق إلى نحو 30%، مقارنة مع 2011، واستمر التراجع حتى اليوم. وتوقع أن تتراجع مبيعات العقار بشكل أكبر خلال النصف الأول من العام الجاري، “على أن تعاود التحسن قليلاً في الصيف”.
وفي محاولة لتحفيز القطاع العقاري في البلاد، بادرت المؤسسة العامة للإسكان (حكومية) منذ اشهر إلى خفض أسعار الفائدة على قروضها الجديدة من 4.67% و5% إلى 3.25% و3.50%.
ويهدف الخفض إلى تشجيع الطلب على شراء المساكن، من أجل دعم قطاع البناء وتصريف السيولة بالليرة المتراكمة لدى المصارف، فضلاً عن تخفيف حدة التململ الاجتماعي، لا سيما أن تجارة العقارات بدأت تتراجع.
ميدل ايست أونلاين