الكيان أمام انعطافٍ تاريخيٍّ؟
بات بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء دولة الاحتلال، معزولاً على الصعيديْن الإقليميّ والدوليّ، لا بلْ أكثر من ذلك غدا مُحاصرًا من مُستوطني الكيان الذين يتظاهرون بمئات آلافهم ضدّ خطّته لتحويل إسرائيل إلى دولةٍ ديكتاتوريّةٍ قائمةٍ على ما تُسّمى الفوقيّة اليهوديّة، وقُبيْل أداء حكومته السادسة يمين الولاء في أواخر كانون الأوّل (ديسمبر) الفائت، أعلن نتنياهو أنّه عاقد العزم على زيارة الإمارات العربيّة المُتحدّة، وهي الدولة الخليجيّة الأولى التي حطمّت دائرة الخلاف التاريخيّ ووقعّت على اتفاق تطبيعٍ مع دولة الاحتلال، برعايةٍ أمريكيّةٍ، في شهر آب (أغسطس) من العام 2020.
بيد أنّ الرياح لا تجري وفق خطط نتنياهو وحكومته، التي حصلت وبجدارةٍ على لقب الحكومة الأكثر تطرفًا وعنصريّةٍ وبطشًا، وبات الأصدقاء يبتعدون عنه وعن حكومته، وحتى الصديقة الإستراتيجيّة، الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، ترفض حتى اللحظة توجيه الدعوة له لزيارة واشنطن لعقد اللقاء التقليديّ مع الرئيس الأمريكيّ للحصول على صكّ الغفران، الأمر الذي يُثير الكثير من التندر والمسخرة في الكيان ضدّ نتنياهو في الأوساط السياسيّة والإعلاميّة.
عُلاوةً على ذلك، فإنّ وزير الماليّة والوزير بوزارة الأمن، بتساليئيل سموتريتش، وصل أمس الأحد لواشنطن، ولكنّه لم يُستقبَل من أيّ مسؤولٍ في الإدارة الأمريكيّة، كما أعلنت نظيرته الأمريكيّة رفضها القاطع عقد لقاءٍ معه، وأعلن البيت الأبيض رفض أيّ مسؤولٍ أمريكيٍّ عقد لقاءٍ مع الوزير سموتريتش.
عُلاوةً على ما ذُكِر أعلاه، فإنّه بعد إلغاء الزيارة للإمارات من قبل أركان الدولة الخليجيّة، احتجاجًا على تدنيس المسجد الأقصى المُبارك من قبل الوزير الفاشيّ إيتمار بن غفير، وهي الزيارة التي عوّل عليها نتنياهو، كان متوقعًا جدًا أنْ تقوم الإمارات بتجميد شراء أنظمةٍ دفاعيّةٍ من إسرائيل، في أعقاب تصرفات الوزيرين العنصرييْن إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، حيثُ نقلت القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ عن مصادر أمنيّةٍ رفيعةٍ جدًا في تل أبيب قولها إنّ الأنظمة الدفاعيّة التي كانت ستشتريها الإمارات مهمة ومعظمها حساس ويُحظر نشر معلومات بشأنها.
وتابعت المصادر الإسرائيليّة عينها قائلةً إنّ القرار الإماراتيّ جاء على خلفية تصرفات الحكومة في الشهر والنصف الماضيين، ومن بين ذلك اقتحام بن غفير للأقصى، والأحداث في حوارة وما تبعها من تصريحات سموتريتش حول ما جرى، وعلى نحوٍ خاصٍّ تصريحه بأنّه يجب محو حوارّة عن الخارطة.
وقال رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد في رسالة للإسرائيليين، كما نقلت القناة الـ 12 عن مصادر أمنيّةٍ واسعة الطلاع بالكيان، إنّه يجب التأكد من سيطرة بنيامين نتنياهو على حكومته، حتى يكون هناك قدرة على القيام بأعمال مشتركة.
ووفقًا للقناة العبرية، فإنّ الخطوة الأخيرة لم تؤثر على التعاون الاستخباراتيّ بين إسرائيل والإمارات، لكنها تعتبر خطوة مقلقة، ومن الممكن جدًا أنّ الحديث يدور عن توجّهٍ جديدٍ من الدول الخليجيّة، خصوصًا وأنّ قرار الإمارات جاء متزامنًا مع إعادة العلاقات السعوديّة-الإيرانيّة، على ما نقلته القناة العبريّة عن المصادر العبريّة في تل أبيب.
ويأتي قرار تعليق تجميد الصفقة بعد تأجيل زيارة نتنياهو للإمارات وعدم تحديد موعد لها، وبعد أنْ أعلنت السعودية عن استئناف العلاقات مع إيران.
وردّ ديوان نتنياهو على النبأ بالقول إنّه لا أساس من الصحّة لما نُشِر، وأنّ إسرائيل والإمارات لديهما اتصالات سياسية مثمرة في جميع المجالات.
وعقب وزير الأمن الإسرائيليّ السابِق بيني غانتس على النبأ بالقول عبر حسابه على (تويتر) بتوجيه طلبٍ إلى نتنياهو بإقالة الوزيريْن بن غفير وسموتريتش، قائلاً إنّ “الطابور السادس اخترق قدس أقداس الكيان، أيْ أمن إسرائيل، والآثار السلبية لذلك بدأت تظهر، ولذا أناشد نتنياهو بإقالة الاثنيْن وعدم هدم ما تمّ تشييده خلال سنواتٍ طويلةٍ”، لافتًا إلى أنّ “المصالح الأمنيّة لإسرائيل أهّم بكثير من المصالح والغايات السياسيّة”، على حدّ تعبيره.
من ناحيته نفى أمير حايك، سفير الكيان في الإمارات العربيّة المُتحدّة النبأ الذي أوردته القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ، وقال في تغريدةٍ على (تويتر) إنّه بعد إجراء اتصالاتٍ مع كبار المسؤولين في الإمارات تأكّد بما لا يدعو مجالاً للشكّ بأنّ الأنباء حول إبطال الصفقة بين الدولتيْن عاريةً عن الصحة، على حدّ قوله.
يُشار في الخُلاصة إلى أنّ قيام (الموساد) الإسرائيليّ في العام 2010 باغتيال القياديّ الحمساويّ محمود المبحوح في دبي عام 2010 أدّى لتوتّرٍ كبيرٍ في العلاقات الإسرائيليّة الإماراتيّة فألغت أبوظبي صفقة أسلحة مع شركةٍ إسرائيليّةٍ حتى تعهد (الموساد) عدم تكرار الأمر وأُصلحت العلاقات، كما أكّدت آنذاك صحيفة (هآرتس) العبريّة.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية