الكيان: الوضع بالقطاع يُعتبَر “شبه الآخرة” وإذا انفجر بسبب تفشّى الـ”كورونا” سيكون بمثابة “يوم القيامة” ومئات الآلاف من السُكّان سيدخلون إسرائيل وغزّة باتت التحدّي الإستراتيجيّ الأخطر
حذر جيش الاحتلال الإسرائيليّ من أنّ “يوم القيامة” قد ينفجر من غزة إذا تفشى فيروس كورونا في القطاع، مشيرًا إلى أنّ الأوضاع الصحية تحتاج إلى تقويمات من إسرائيل حتى لا تنفجر غزة في وجه سكان غلاف القطاع، لافِتًا إلى أنّ ليس حزب الله ولا إيران هما التهديد الإستراتيجيّ على الدولة العبريّة، بل تدّفق مئات آلاف الفلسطينيين من قطاع غزّة إلى داخل ما يُسّمى بالـخّط الأخضر للحصول على علاجٍ من فيروس كورونا.
ووفق مُحلِّل الشؤون العسكريّة في صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبريّة، أليكس فيشمان فإنّ قادة الأمن العسكريين يوضحون للقيادة السياسية داخل إسرائيل بأن الوضع في غزة يعتبر “شبه الآخرة”، ملوحين بأن غزة قد تصبح بؤرة لتفشى الوباء على المدى القصير أكثر من الجبهة الشمالية للاحتلال، ومؤكّدين في الوقت عينه أنّه إذا انفجر الوضع في القطاع سيتحول إلى هجوم في وجه إسرائيل لم تشهد له تل أبيب مثيلا حتى الآن، على حدّ تعبير المصادر.
وشدّدّ فيشمان على أنّ قادة جيش الاحتلال وضعوا سيناريوهات قد تحدث حال أصيبت غزة بالوباء وهى إطلاق صواريخ وقذائف هاون على مدار الساعة لإجبار إسرائيل والعالم لدعم القطاع لوجيستيًا وطبيًا، لأنّ حكومة “حماس” حينها لن تكون قادرة على التصدي للوباء إذا تفشى، وهذا ما حدث يوم الجمعة الماضي حين أرادت الفصائل إيصال رسالة لإسرائيل نحو غلاف غزة بإطلاقها صواريخ لتذكير إسرائيل بالضغط المحتمل الذي قد يحدث في هذه المناطق، قالت المصادر واسعة الاطلاع في تل أبيب.
أمّا في الضفة الغربيّة، فقالت المصادر، بحسب الصحيفة العبريّة، فإنّ إسرائيل والسلطة الفلسطينيّة تتعاونان بشكل كامل، وبالتالي فإنّ المصلحة الإسرائيلية هي السماح لغزة بأنْ تبقى نفسها خارج موجة الكورونا، مؤكّدين أنّ سُكّان غزة إذا أصيبوا بالفيروس سيتوجهون نحو المناطق الحدودية بأي ثمن وهذا يعنى أنّ الوضع سيتحول إلى أمر آخر، كما أكّدت المصادر الأمنيّة في تل أبيب.
في السياق عينه كشفت صحيفة (هآرتس) العبريّة، عن وجود مخاوف وقلق أمني وسياسي إسرائيلي، من سيناريو انتشار فيروس كورونا في قطاع غزة المحاصر منذ 14 عامًا، مُوضِحةً في تقريرٍ أعدّه المُحلِّل العسكريّ، عاموس هارئيل، أنّ انتشار فيروس كورونا يضع إسرائيل في وضع حساس مع السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية، وقطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس.
ورأى المُحلِّل أنّه في هذه الأثناء تسهم محاربة الوباء الكثيفة في الهدوء الأمني النسبي، وتؤدي إلى تعزيز التنسيق بين الأطراف، معتبرًا أنّ الامتحان الأكبر سيأتي في الأيام القريبة القادمة، عندما ستضطر إسرائيل إلى اتخاذ قرارٍ، مُشدّدّةً على أنّ غزة أكثر حساسية بالنسبة لانتشار الأوبئة، وفعليًا لا توجد أيّ إمكانية للفصل بصورةٍ كاملةٍ بين القطاع وإسرائيل، طبقًا للمصادر.
ونوّه المُحلِّل للشؤون العسكريّة، نقلاً عن مصادره الأمنيّة الرفيعة في تل أبيب، نوّه إلى أنّه في جميع تحليلات الوضع التي يجريها جهاز الأمن في السنوات الأخيرة، تمّ طرح خطر انتشار أمراض معدية في القطاع كأحد السيناريوهات المحتملة بسبب الاكتظاظ هناك والبنى المنهارة والشروط الصحية المتدنية، ولكن في حالة كورونا، فإنّ مركز الإصابة يأتي من الخارج، على حدّ قوله.
وبينّ المُحلِّل أنّ المعضلة الأساسية التي تشترك فيها إسرائيل وحماس رغم أنّهم لا يتحدثون معًا، تتعلق بالعمال الفلسطينيين الذين يعملون داخل إسرائيل، ففي الشهر الماضي قررت إسرائيل زيادة عدد تصاريح الدخول لسبعة آلاف تاجر ورجل أعمال (معظمهم في الأصل عمال)، وهذا الإجراء لم يطبق بالكامل، لكن يوجد لحماس مصلحة في استنفاده بسبب الأزمة الاقتصادية في القطاع، لافتةً إلى أنّه يوجد لحماس سبب جيد للخوف من أنْ يجلب الغزيون الذين سيدخلون إلى إسرائيل عند عودتهم الفيروس معهم، وسيكون من الصعب جدًا وقف انتشاره في القطاع المكتظ، ومعضلة حماس الفورية هنا، هل يجب عليها المخاطرة بوقف مصدر الدخل الحيوي للقطاع لمنع دخول كورونا من الدولة العبريّة؟، قال المُحلِّل الإسرائيليّ للشؤون العسكريّة.
وأشارت الصحيفة إلى أنّه في حال انتشر كورونا في القطاع، فستجد إسرائيل صعوبة في أنْ تزيح عن نفسها المسؤولية عن ذلك، والمجتمع الدوليّ لن يوافِق على ادعاء إسرائيل الذي يقول إنّها توقفت نهائيًا عن أنْ تكون مسؤولةً عن الوضع في القطاع بعد 2005، في حين أنّ السلطة الفلسطينية، المسؤولة عن القطاع، استنادًا إلى تطبيق اتفاقات أوسلو لا توجد بتاتًا على الأرض منذ 2007، كما نقلت الصحيفة عن المصادر الأمنيّة في تل أبيب.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية