الكيان: غزّة عصيّة بسبب آلاف المُسلّحين المشحونين بالأيديولوجيّة الجهاديّة ومنظوماتٍ دفاعيّةٍ مُتطورّةٍ..
تُشدّد المصادر الأمنيّة الرفيعة في تل أبيب، على ما ينقله الإعلام العبريّ، على أنّ القضيّة الأساسيّة والمركزيّة التي باتت تتصدّر الأجندة في إسرائيل، وتقُضّ مضاجع المؤسستين السياسيّة والأمنيّة على حدٍّ سواء تتعلّق بأسوأ سيناريو مُمكن أنْ يحصل: مُواجهة عسكريّة في آنٍ واحدٍ تخوضها دولة الاحتلال على الجبهتيْن الشماليّة، ضدّ حزب الله اللبنانيّ، والجنوبيّة، ضدّ المُقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة على مختلف تنظيماتها، والأخطر من ذلك أنّ هذه المُواجهة، بحسب المصادر عينها ستندلِع بدعمٍ إيرانيٍّ.
وبناءً على ذلك، لم يكُن مفاجئًا البتّة أنْ يقوم جيش الاحتلال بتنفيذ مناورةٍ بعنوان (ذخر قوميّ) تدرّب فيها المقاتلون والقادة على أيام قتال مكثّفة، شملت مواقع دمار كثيرة، إصابات وأحداثًا غير مخططة، بحسب ما أفاد مراسل الشؤون العسكريّة في موقع القناة الـ 14 بالتلفزيون العبريّ، هيلل بيطون روزن.
ولفت المراسل، اعتمادًا على مصادره بجيش الاحتلال، إلى أنّ الجيش الإسرائيليّ بشكلٍ عامٍّ وشعبة التكنولوجيا واللوجيستيك بشكلٍ خاصٍّ لا يهدآن، ويُخططان على مدار الساعة تمهيدًا للحرب المقبلة، مُضيفًا في الوقت عينه أنّه بحسب التقديرات، فإنّ الساحة الحساسة والمتفجرة حاليًا هي الساحة الشمالية.
علاوة على ما جاء أعلاه، كشف النقاب عن أنّه تمّ استدعاء حوالي 10000 جندي طوارئ في قيادة المنطقة الشماليّة مساء السبت الماضي، نصفهم من الاحتياط، للتدّرب على الاستعداد التكتيكيّ، وبالأخص اللوجيستي تمهيدًا للحرب التي يمكن أنْ تندلع في أيّة لحظة، عدا السيناريو المذكور عن مبانٍ كثيرةٍ ستتحوّل إلى مواقع مدمّرة، واحتمال تتضرر طرقات مركزية أيضًا.
ومضى المُراسِل قائلاً، نقلاً عن ذات المصادر، إنّ خطة الطرقات هي خطة أركانية هدفها بناء شبكة طرقات متوازية، تسمح بتحرك العدد الكبير من القوات من الداخل إلى الجبهة، مُوضحًا أنّ هذه الخطة تسمح بحشد القوات بسرعة وبنجاعة بغضّ النظر عن شبكة الطرقات القطرية.
وفي سياق هذه العملية، تابع المراسل تمّ تخطيط حوالي 2500 كلم من الطرقات، وأقيم مركز سيطرة أركانيّ مشترك لشرطة الاحتلال، وقيادة الجبهة الداخليّة، وشركاء كثيرين آخرين.
واعتبر أنّه في كلّ ما يتعلق بمحاور المرور، فإنّ إصابتها بالصواريخ ليس هو التحدي الوحيد، مؤكِّدًا أنّ الهدف في نهاية المناورة كان تأهيل التشكيل اللوجيستيّ في الجيش على نشر مركز متحرك، في كلّ مكان يُطلب منه ذلك، حتى خلف خطوط العدو، وفق تعبيره.
وفي الشمال أيضًا، يعتقد كبار المُحللين في الإعلام العبريّ، أنّ حزب الله قد يقوم بـ”احتلال عددٍ من المُستوطنات (الإسرائيليّة) على الحدود مع لبنان خلال المُواجهة القادمة”، مُشيرين في الوقت عينه إلى أنّ أنفاق حماس، مُقارنةً بأنفاق حزب الله، هي مُجرّد لعبة صغيرة، بحسب تعبيرهم.
وفي هذا السياق رأى عاموس هارئيل، محلّل الشؤون العسكرية في صحيفة (هآرتس) العبريّة، أنّ معارك المستقبل في الشرق الأوسط ستتميّز باحتكاكٍ شديدٍ في المناطق المأهولة، حيث أنّ السكان المدنيين سيعلقون بين الأطراف المتحاربة، ويتحوّلون رغم إرادتهم إلى دروعٍ بشريّةٍ، وأنّ الحروب القادمة التي ستخوضها إسرائيل في المُستقبل ستكون في المناطق المكتظة في غزة وفي جنوب لبنان.
إلى ذلك، قال مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، اليكس فيشمان، “صحيحٌ أنّ الجيش الإسرائيليّ احتلّ من جديد مدنًا فلسطينية بالضفّة الغربيّة عام 2002 في حملة (السور الواقي)، وراكم تجربةً في القتال حيّال منظمات شبه عسكريّةٍ وجهاديّةٍ، ولكنّه لم يُواجه احتلال مدينة بحجم غزة، والتي يُرابط فيها الآلاف من حملة السلاح المشحونين بالأيديولوجيّة الجهاديّة، مع منظوماتٍ دفاعيّةٍ تمّ إعدادها خلال أعوامٍ”، على حدّ تعبيره.
في السياق عينه، وصف جنرال إسرائيليّ رفيع المستوى، أوضاع قواته العسكريّة، بأنّها الأسوأ منذ 54 عامًا، وبأنّ إسرائيل ستكون في ورطةٍ في أيّ حربٍ قادمةٍ، لافتقادها لجهوزية الحرب.
وقال الجنرال السابق في الجيش الإسرائيليّ، والمسؤول عن شكاوى الجنود، يتسحاق بريك: “وضع الجيش الإسرائيليّ في تدهور، ومنذ 1965 لم يشهد الجيش مثل هذا التراجع، وطلبت بتشكيل لجنة تحقيق خاصة بذلك، دون جدوى.”
وأضاف: “هناك فجوات حرجة في الجيش، وهو في حالة تدهور، وأصبحت الثقافة التنظيميّة في أسوأ حالاتها، وفي الحرب القادمة سنكون في ورطةٍ”.
وكان الجنرال بريك نشر تقريرًا مُهّمًا في هذا الصدد، أكّد من خلاله عدم جاهزية الجيش الإسرائيليّ للحرب، مُتهمًا قادة وضباط الجيش، بتضليل الرأي العام والجمهور الإسرائيليّ بشأن جهوزية الجيش للحرب.
وأشار إلى أنّ الجيش الإسرائيليّ يُعاني من ضعفٍ وخللٍ كبيرين، لكنّ القيادة العسكريّة في تل أبيب تُخفي الواقع الحقيقيّ للأمر، ويُعلّق بريك على ذلك، قائلاً إنّ قادة الجيش لا يقولون الحقيقة في كلّ ما يتصل بالخلل في الجيش.
وشدّدّ بريك على أنّ القلق الأكبر بالنسبة لإسرائيل هو عدم قدرة القوات البريّة الإسرائيليّة على تحقيق نصرٍ سريعٍ ضدّ حزب الله، وبالتالي انجرار الكتائب المُدرعة المُحتلة إلى حرب استنزافٍ دمويةٍ”.
واختتم قائلاً: “من غير المُرجّح أنْ ينتهي قريبًا الخلاف الحاصل بين الجنرالات الإسرائيليين، وأنّ الإنفاق على القوات الجويّة وفرع الاستخبارات في جيش الاحتلال الإسرائيليّ، سيحتّل أولويةً على القوات البريّة”، كما قال.
صحيفة رأي اليو الألكترونية