الكيان: لكوننا مردوعين من حزب الله لا نُهاجِم بلبنان وإيران تستثمِر ذلك..
زهير أندراوس
كشفت محافل أمنيّة وسياسيّة واسعة الاطلاع في تل أبيب النقاب عن تصاعد المخاوف الإسرائيلية لدى كبار قادة الأجهزة الأمنية من اندلاع حربٍ متعددة الجبهات، بالتزامن مع احتدام الأزمات الإسرائيليّة الداخلية ودخولها مرحلة جديدة تنذر بأزمة دستورية تفاقم الصراع الإسرائيلي الداخلي.
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، في تقريرٍ لمحللها العسكريّ، يوسي يهوشواع، أنّه “في خلفية المداولات في المحكمة العليا على التشريع القضائي والأزمة الداخلية التي تحتدم، فإنّ الجبهة ضد إيران وفروعها في المنطقة تتطوّر إلى تهديد خطير للغاية، تهديد يستوجب كامل اهتمام القيادة السياسية ورصّ الصفوف في الجيش والجمهور، تمهيدًا لإمكانية تصعيد في عدّة ساحاتٍ في وقتٍ واحدٍ”، طبقًا لأقواله.
ولفت إلى أنّ رئيس جهاز (الموساد) دافيد برنياع، الذي “يملك إنذاراتٍ جديدةٍ وكثيرةٍ عن نوايا إيرانية لتنفيذ عملياتٍ ضدّ أهدافٍ إسرائيليّةٍ في العالم، كان خطابه الأحد الماضي شاذًا لأنّه تضمن تهديدًا مباشرًا للقيادة الإيرانية وبيانًا بموجبه لم يعد هناك مجال حصانة وكلّ مسٍّ بإسرائيليٍّ أوْ يهوديٍّ سيؤدي بالضرورة لجباية ثمن في قلب طهران”.
علاوة على ذلك، لفت بارنيع إلى أنّ “الجسارة الإيرانية تتعاظم لجملة أسباب، من انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط وحتى الشرخ في إسرائيل”.
وقال المعلق العسكريّ إنّ مثالاً على هذه الجسارة، ما كشف النقاب عنه وزير أمن الاحتلال، يوآف غالانط الاثنين الماضي، أنّ “إيران أقامت في جنوب لبنان، على مسافة 20 كيلومترًا فقط عن إسرائيل، مطارًا معدًا لأهداف هجومية، وفي الصور التي عرضها غالانط، يمكن رؤية علم إيران يرفرف على مسارات الطيران، التي يعتزم النظام العمل منها ضد إسرائيل بالتعاون مع حزب الله، وكما قال غالانط: “الأرض لبنانية، السيطرة إيرانية، والهدف إسرائيل“.
وزعمت الصحيفة، أنّ “المطار في هذه المرحلة، يستخدم لإطلاق طائرات مسيرة، لكن الخطة الأكبر هي خلق محور بديل لتهريب الوسائل القتالية من سوريّة، التي ينجح الجيش الإسرائيلي في إحباطها في غارات دقيقة من الجو منذ أكثر من عقد، في إطار (المعركة ما بين الحروب)”.
وأوضح المحلل أنّ “إيران تدرك أنّ إسرائيل لا تهاجم في لبنان كونها مردوعة أمام حزب الله، والفكرة هي خلق مجال حصانة يساعد في مساعي تعاظم القوة، إلى جانب قاعدة قريبة من الحدود، يمكن منها إطلاق طائرات مسيرة لمهام هجومية خلف الحدود مع إسرائيل“.
وقدرت الصحيفة، اعتمادًا على مصادرها، أنّ “هذه القاعدة ربما هي ليست الوحيدة التي أقامتها طهران مع حزب الله في المنطقة“.
وتابع: “ينبغي الانتباه إلى الخطاب الثالث للمسؤول في الجهاز، رئيس الأركان، ففي الكلمة التي أوّل الأسبوع قال: “علينا أنْ نتعاطى مع كلّ تصريح لأعدائنا، بالأقوال أو بالأفعال، ألّا نستخف بهم وألّا نُعظِّم قوتنا“.
وأضاف: “علينا أنْ نكون جاهزين أكثر من أيّ وقت مضى لمواجهة عسكرية واسعة ومتعددة الجبهات تتضمن مناورة في اشتباك قتالي وفي احتكاك عال مع العدو ستنطوي على خسائر وإصابات تشارك فيها أيضًا الجبهة الداخلية، فحين تمتلئ وسائل الإعلام بالمناقشات حول دروس حرب 1973، مرغوب أنْ ننصت، خاصة إلى النص الواضح والصريح لقائد الجيش في 2023”.
وتابع المحلل أنّ وزير الأمن غالانط، “هو الآخر أجرى الربط الواجب الذي يحذر الجيش الإسرائيلي منه، بين الأزمة الداخلية والثقة الذاتية للأعداء”، وقال: “في السنة الأخيرة، نواجه صدعًا إضافيًا في التعمق في المجتمع الإسرائيليّ حول التوازن بين السلطات، الثمن قد يكون باهظًا، وباهظًا جدًا في سياقات الأمن القوميّ، وعليه فإنّ التغييرات المركزية تجرى بتوافق واسع، كمن يقف على رأس جهاز الأمن. أقضي هنا بأن استمرار الصراع الداخلي بين تيارات صقرية في إسرائيل، يتسلل إلى داخل الجيش وأجهزة الأمن الأخرى، ويجبي ثمنًا لا يمكن للجيش وجهاز الأمن أن يحتمله“، على حدّ تعبيره.
في الخلاصة، واعتمادًا على المحافل الإسرائيليّة، يُمكن القول الفصل إنّ دولة الاحتلال أكثر ما تخشاه هو الحرب المتعددة الساحات، لأنّ جيشها ليس جاهزًا وعمقها الداخليّ غيرُ قادرٍ على تحمّل حربًا من هذا القبيل يُمطَر فيها الكيان بعشرات آلاف الصواريخ، منها الدقيقة، والتي باستطاعتها إصابة أيّ مكانٍ داخل إسرائيل.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية