النسخة السادسة من «فوتوكايرو» في «ظلال المتواري»

تشهد النسخة السادسة من «فوتوكايرو» الذي ينظمه مركز الصورة المعاصرة تحت عنوان «ظلال المتواري» امتداد أماكن العرض والنشاطات للمرة الأولى إلى مساحات مختلفة في القاهرة، إذ تتوزع بين مركزي «الصورة المعاصرة»، و «سعد زغلول». بينما نظمت النشاطات الموازية من عروض أدائية وسينمائية ولقاءات ومناقشات وزيارات لاستوديوات الفنانين، في مساحات مختلفة في نطاق القاهرة.

تتيح مساحة العرض داخل مركز «الصورة المعاصرة» الاطلاع على نتاج الورش ومجموعات العمل التي أقيمت خلال الأشهر السابقة كجزء تمهيدي للعروض الحالية، والتي غلب عليها المزج بين الوسائط (فوتوغرافيا، فيديو، تجهيز، نصوص، طباعة). وبين هذه العروض التي استضافها المركز مشروعان يمثلان نتاجاً لورشتي عمل، نظمت الأولى تحت عنوان «نص مفتوح على الفوتوغرافيا»، وحملت الثانية عنوان «اللامرئي».

فوتو كايرو «في نسخته السادسة»، بحسب البيان المعلن، مهتم بتفكيك علاقاتنا مع الوسيط الفني «من أجل طرح أسئلة حول مدى شفافية هذا الوسيط كمادة يعبر من خلالها الفنانون عن أفكارهم، ولا سيما في وقتنا الراهن الذي تعلو فيه الصيحات حول الحاجة إلى الطرح الواضح والشفاف الذي لا يحجب أكثر مما يوضح». وفي هذا السياق تطرح هذه النسخة من «فوتوكايرو» في سياقها أسئلة عدة حول غير الواضح وغير النافذ، وكذلك الوسائط التي تسجل الواقع بطرق غير مألوفة، وإمكان أن يكون الوسيط المادي الذي يستخدمه الفنان شفافاً وغير محمل بأيديولوجيات معينة.

نص مفتوح على الفوتوغرافيا
الأعمال المعروضة تحت عنوان «نص مفتوح على الفوتوغرافيا» هي نتاج ورشة عمل أقيمت بين تشرين الأول (أكتوبر) 2016 وشباط (فبراير) 2017 وأدارتها الفنانتان هبة خليفة وغادة خليفة حول كيفية التعبير عن الذات وسبل تطويرها، واكتشاف مساحات الحركة داخل الكادر المصور والمكتوب، في محاولة لخلق عمل فني يعتمد على الكتابة والصورة معاً، وكذلك تطوير أساليب مختلفة للمزج بين المرئي والمكتوب.
ويضم المشروع أعمالاً لسبع فنانات، هن زينب مجدي وتعرض عملها تحت عنوان «غرفة تخص زوزو وحدها» وهو تجهيز وفوتوغرافيا. وتعرض الفنانة ندى ناجي فوتوغرافيا ونصوصاً تحت عنوان «اجتياز»، أما آية عزت فتعرض عملها (كتاب) تحت عنوان «الغرفة المغلقة في ذاكرة أبي».

بينما تعرض لمياء يونس عمل فيديو بعنوان «صوت داخلي». وتعرض الفنانة رضوى طارق فوتوغرافيا ونصوصاً بعنوان «لعنة الأمهات»، بينما تعرض أمنية نجيب عملها (كولاج) تحت عنوان «صخب»، أما العمل الأخير فهو فوتوغرافيا تحت عنوان «انعكاس». وتمزج الأعمال المشاركة في هذا المشروع بين النصوص المكتوبة والفوتوغرافيا والفيديو في ما يشبه الحكي، إذ حولت المشاركات مساحة لقاءاتهنّ الأسبوعية أثناء الورشة إلى مكان تستمد فيه النصوص القوة من الصورة والعكس. وخلال هذه المساحة بين الوسائط المختلفة تستكشف المشاركات عدداً من المشاعر والأفكار، كالعلاقة مع الأهل، والبحث عن الاستقلال، والانفصال، وصورة الذات، والديناميات العائلية.

اللامرئي
المشروع الآخر كان نتاج ورشة «اللامرئي» التي أشرف عليها جورج عودة من أيلول (سبتمبر) 2016 حتى شباط (فبراير) 2017. شارك في الورشة أمنية صبري وهند سمير وعاصم هنداوي. وفي هذا المشروع قدمت أمنية صبري كتيباً مع مطبوعات «أنالوغ»، تحت عنوان «مرحلة انتقالية». وتحت عنوان «بذور غير متوقعة» عرضت هند سمير أكريليك على توال، أما عاصم هنداوي فقدَّم عمله الفوتوغرافي «أن تتجلد أمام الصور». وتضمنت ورشة «اللامرئي» التدريب على وسائل الطباعة الرقمية والأنالوغ المختلفة والتجريب بوسائط بديلة للطباعة في معمل التحميض. وركّزت الأعمال على مساحات التقاطع بين الطباعة والتصوير الزيتي والفوتوغرافيا.

ويجري هنا المزج بين هذه الوسائط، فتتراءى جزيئات الضوء على جسد ملاكم، وتتحول الصور الضوئية إلى صور مرسومة بعد أن تُنقش وتلوَّن باليد في غرفة التحميض المظلمة.
والأعمال الثلاثة المتبقية هي أعمال فردية للفنانين أماندا قرداحي ورانيا فؤاد وهبة خليفة. فتعرض قرداحي جانباً من مشروعها الممتد «حوارات مفلترة». وهو عمل يجمع بين تسجيلات الفيديو والصوت لسلسلة من الحوارات نظمتها الفنانة بين عامي 2015 و2016، جمعت كل محادثة بين ثلاث إلى سبع نساء يتحدثن عن التابوهات والوصم في تحد للنظام الذكوري الدارج، من خلال إيجاد مساحة آمنة تسمح بالتنفيس والاستكشاف ومناقشة تلك المواضيع.

ويبدو العمل كأنه جلسة حميمة بين أصدقاء، إذ يُظهر الفيديو الذي تم تصويره من أعلى طاولة مستديرة حولها عدد من الأشخاص لا نتبين ملامحهم، فلا نلمح سوى الأيدي التي تشير إلى هوية أنثوية تشي حركتها بحوار ما، وبينما ننظر إلى ما يحدث كمتلصصين يستمر النقاش الحميم.وعلى الطاولة تبعثرت تفاصيل صغيرة، من علب سجائر وقنينة وأكواب فارغة، وبعض المسليات لتمضية الوقت في نهم الحديث المتواصل. وقد تعمدت قرداحي هذه المرة إعادة خلط الصوت والصورة وتعديلهما (ريمكس) لتتحول إلى مادة رافضة للإفصاح المباشر عن محتواها، ولتفسح بذلك لأشكال بديلة من الاشتباك مع تلك الحوارات.

أما عمل رانيا فؤاد «فتيات في القمرة»، فهو واحد من ستة مقاطع من مشروع «بنايات متوازية»، وهو مشروع طويل الأمد يطمح إلى مد الحدود المتعارف عليها لوسيط التصوير الزيتي وابتكار مساحة تلامس تجمعه مع وسيط بصري وقتي. ويستنسخ «فتيات في القمرة» كادرات من فيلم صوَّرته الفنانة على متن سفينة عائمة مع مجموعة من الممثلات وهن يستعددن للصعود إلى المسرح. تطور رانيا فؤاد لوحات زيتية تستنسخ يدوياً لقطات من الفيلم، ثم تحرّكها في مقطع «أنيمايشن» يستخدم تقنية الروتوسكوب.

ويعيد العمل إحياء إيماءات خارج سياق سردي وخارج حدود إطارات فعل معين، فتبقى معلقة كتعبيرات جسدية في لحظة لا يصير فيها الأداء حبيس معنى أو إشارة معينة. أما العمل الأخير فهو للفنانة هبة خليفة بعنوان «4 شارع عطفة الغيطاني». في هذا العمل الذي يجمع بين الفوتوغرافيا والكولاج تتداخل الصور الفوتوغرافية مع الرسوم والكتابات لتشكل كلها سياقاً بصرياً لمجموعة من الذكريات المتعلقة بمنزل العائلة.
تستعيد خليفة من خلال العمل تلك المشاعر المتناقضة والحميمة التي شكَّلت وعيَها حين انتقلت وهي طفلة إلى منزل جدتها بعد وفاة والدها. وعبر مجموعة من التفاصيل الصغيرة والكتابات والرسوم تستدعي الفنانة صورة قريبة من هذا العالم.

صحيفة الحياة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى