النوايا والأرادات ( العراق ) !

السياسة صناعة تعتمد مخرجاتها على النوايا والأرادات والقدرات التي تصوغ الأستراتيجيات وتصمّم السياسات وتحدّد الخطط وآليات لتصدر الفعل التنفيذي بأتجاه تحقيق الأهداف المطلوبة والمرغوبة ! النوايا والأرادات تتمثّل في محصّلتها النهائية بقرارات وأجراءات وممارسات تعتمدها الدولة والحكومة والبرلمان ويعمل بموجبها في النظام الديمقراطي الحر ! تختلف أتّجاهات النوايا والأرادات بتغيّر البيئة الوطنية والمحيط الجيوسياسي والمصالح المتعلقة بها أقليميا ودوليا ! في 2003 عقدت النوايا وفعّلت الأرادات ووجّهت الآليات الأقليمية و الدولية لتغيير النظام السياسي في العراق وتدميره وتفكيك هياكله مستعينة في التنفيذ بسياسيّين عراقيّين كأدوات تابعة ( مجلس الحكم / الحكومات المتعاقبه )!
منذ عام 2003 وليومنا هذا فرض على العراق مخرجات صناعة سياسية بعيدة عن التراث والموروث السياسي والأجتماعي ماكنتها عمليّة سياسية مشوّهة تحرّكها نوايا مجهولة وأرادات غامضة عملت ليل نهار على تصعيد وتائر النزاعات والصراعات وزراعة الدمار والموت على أرض
العراق ! قبل أيّام أستنفر التعاون والتنسيق والجهد الدولي والأقليمي والوطني لتعيين الرؤساء الثلاث (رئيس الجمهورية ، رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء ) في محاولة لأنقاذ نظام وهيكل العملية السياسية لتحقيق بعضا من الهيمنة الأمنية والسياسية اللازمة لتسيير منظومات الدولة ! الأحداث والوقائع تشير بان الحكومة القادمة ستستمر كسابقتها في أدارة المشهد العراقي من وراء أسوار المنطقة الخضراء وارثة دولة تنقصها الهيبة فاشلة من حولها بيئة متهتّكة أمنيا واجتماعيا وأنسانيا وسياسيا وأقتصاديا وماليا تجوب أروقتها غيلان المليشيات المسلّحة والفساد والتعصّب الأعمى التي أدمنت الأتّجار بالدم والرعب والدمار والسباحة في برك من آلام الأبرياء وبؤسهم ! في ضوء الأحداث والوقائع تحوم شكوك حول أعضاء الحكومة القادمة وقدرتهم في أحتواء ومعالجة القضايا التي تفجّرها الصراعات السياسية والنزاعات المسلّحة كل يوم بشكل حيادي عقلاني ومتوازن نظرا لكون أن الحكومة المنوي تشكيلها ولدت من رحم العملية السياسية التي أخفقت أطرافها وآليّاتها من تحقيق الحد الأدنى من الأمن الجسدي والأنساني على مدى عشر سنوات ! تساؤلات وشكوك عديدة لا تزاح الاّ من خلال الأفصاح عن النوايا والأرادات والبرامج الحقيقية للدولة والبرلمان والحكومة بشان القضايا الكبرى التي تقف حائلا دون تحقيق الكرامة والوحدة الوطنية ! من التساؤلات الكبرى التي تنتظر الأجابة عليها بالفعل السياسي والميداني :
هل بامكان البرلمان والحكومة أيقاف العمليات المسلحة للجيش وأصدار عفو شامل يرفع القيود عن السياسيّين والضبّاط والمقاومين والناشطين في منظمات المجتمع المدني وغيرهم من الذين تعرضوا للأحتلال والحكومات المنصّبة ؟!
هل بأمكان الحكومة القادمة تأمين وأدامة حفظ الأمن الجسدي والأنساني والسياسي للجميع بدون أستثناء أو أقصاء وأن تكون الحريّة والعدالة والمساواة واقع جديد ؟!
هل بأمكان الدولة والحكومة والبرلمان أبطال التشريعات والقوانين وفرض الممارسات التي تقف حائلا دون تحقيق الديمقراطية الشاملة في التمثيل والمشاركة والحقوق ؟!
هل بأمكان الحكومة تحقيق نزع شامل لسلاح المليشيات وأعادة هيكلة منظومات الأمن والدفاع بحيث يكون للدولة مؤسسة عسكرية تعمل بأمرة قيادة مركزية حيادية حرفية مهنية في أطار عقيدة وطنية عراقية ؟!
هل بأمكان الدولة والبرلمان والحكومة ان تكون ممارساتها وأفعال أعضائها بعيدة عن التعصّب العرقي والطائفي ؟!
هل ستضم الحكومة القادمة وزراء من خارج اطراف العملية السياسية ( المعارضة )؟ هل سيصار تعيين قيادات من النخب المستقلة المشهود لها بنزاهتها وطنيا ومهنيّا في الأدارات التنفيذية العليا لمنظومات الدولة والحكومة وتوفير البيئة والدعم لعملها ؟!
اسئلة كبرى أجوبتها تكمن في أصدار تشريعات وقوانين وأجراءات وممارسات تنفيذية في الجوانب الأمنية والسياسية والأنسانية ! على الدولة والبرلمان والحكومة أن تثبت للعراقيين القدرة على الخروج من سجن العملية السياسية الى الفضاء الوطني الأرحب والأشمل القادر على حفظ وحدة العراق وأمنه وأزدهاره! في ظل ما يجري في سوح العراق نرى أن الطريق الأفضل والأنجع للخروج من الحرب الأهلية الدائرة الذهاب الى مؤتمر دولي تحت رعاية الأمم المتحدة لتحديد وصياغة النوايا والأرادات في وثيقة ملزمة تكون خارطة طريق لأنقاذ العراق وأهله !
منتدى الفكر العربي