امرأتان في اتجاهين مختلفين

الاختلاف الواضح بين نهجي رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل، يجعل كل المقارنات والمقاربات ممكنة بل ويدفع نحوها. إنه تشابه تفرضه عوامل التاريخ والجغرافيا وتقارب الثقافات داخل الفضاء الأوروبي.. والأكثر من ذلك كله: التشابه إلى حد التشارك في مواجهة التحديات من جهة، والاختلاف إلى حد التصادم في أدوات وطرق المواجهة.

وفي الوقت الذي كانت فيه المستشارة ميركل، تركز في حملتها الانتخابية على ضرورة الحفاظ على الازدهار الاقتصادي الذي تنعم فيه البلاد، كان حزب البديل اليميني يشن عليها الهجمات العنيفة، ويشيد بتصويت البريطانيين إلى جانب بريكسيت.

ميركل وماي، سيدتان تتزعم كل منهما حزبا ذا قاعدة عريضة في بلادها، الأولى على رأس حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، والذي يعد بمثابة أكبر تجمع شعبي دون منازع، والثانية على رأس أقدم الأحزاب البريطانية، وهو حزب المحافظين الذي ينتهج سياسة تقليدية مُحافظة تعمل على تقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي، وتصفية القطاع العام، مع التشديد على مكافحة الجريمة ووضع ضوابط وقيود على الهجرة.

تواجه تيريزا ماي، حزب العمال البريطاني المحسوب على يسار الوسط،، وتواجه انجيلا ميركل، حزب البديل، الذي دأب على انتقاد سياسات قبول اللاجئين التي اتبعتها المستشارة الألمانية، والسياسات التوافقية مع الاتحاد الأوروبي.

ولكي لا نقع في المقارنات التعسفية فإن الخصوم السياسيين لميركل، لا يلتقون بالضرورة مع أنصار ماي، لكن هناك خلفية اقتصادية وديموغرافية للسياسات المختلفة التي تنتهجها الدولتان تجمع الاثنين إزاء طالبي اللجوء على سبيل المثال، فسياسة الباب المفتوح التي تنتهجها ألمانيا يؤيدها نسبيا حزب العمال البريطاني الذي يرفض بدوره سياسة الباب المحصّن التي تتبناها الحكومة البريطانية الحالية.

ثمة معطيات موضوعية تلتمس الأعذار والمبررات لكلا السياستين في موضوع الهجرة بمعزل عن الحكم الأخلاقي وسياستي ميركل وماي، المختلفتين، فبينما يرتفع عدد سكان بريطانيا بسرعة، ينخفض عدد سكان ألمانيا بذات المعدل، وترتفع نسبة المسنين مقارنة بالشباب وبشكل أكبر بكثير في ألمانيا مما هي عليه في بريطانيا. ومن هنا نستطيع القول أن من المفيد لألمانيا السماح بتدفق العائلات الشابة القادمة من سوريا وغيرها .

ومهما كان الجدل محتدماً حول الجوانب السلبية والإيجابية للهجرة، فإن معظم الاقتصاديين يقولون أن الهجرة تساعد على النمو وتبدو مفيدةً اقتصادياً لألمانيا أكثر بكثير من بريطانيا، وقد يكون هذا أحد الأسباب غير المعلنة التي تدفع ألمانيا إلى الترحيب باللاجئين.

الدخول التاريخي لليمين القومي والشعبوي إلى مجلس النواب في ألمانيا عكر فرحة انتصار أنجيلا ميركل بولاية رابعة، أما تيريزا ماي، فإن مراقبين يقولون بأنه وفي صورة نجحت مؤامرة بعض أعضاء حزبها ضدها فرئيس الوزراء القادم هو جيريمي كوربن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى