انتخابات تشريعية في تونس لطي صفحة العشرية الماضية
يُدعى الناخبون التونسيون السبت لانتخاب برلمان جديد في انتخابات تشريعية تقاطعها عدد من الأحزاب السياسية المعارضة وتمثل مرحلة جديدة في النظام السياسي الرئاسي الذي أسس له الرئيس قيس سعيّد منذ اتخاذه الإجراءات الاستثنائية لسنة 2021 لطي صفحة ما بات يعرف بالعشرية السوداء فيما تواجه البلاد ازمة اقتصادية خانقة.
والخميس انطلق التونسيون في الخارج لاقتراع ممثلين لهم في البرلمان رغم افتقاد غالبية الدوائر لمرشحين حيث فتحت مكاتب الاقتراع من الساعة الثامنة صباحا وتستمر حتى الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي لبلد الاقتراع فيما تستمر العملية الانتخابية حتى بعد غد السبت 17 كانون الأول/ديسمبر الجاري تاريخ بدء الاقتراع داخل تونس.
ومن بين 10 دوائر انتخابية بالخارج، حيث يعيش أكثر من مليون و700 ألف من المغتربين التونسيين، لا يوجد مرشحين في سبع دوائر بينما تقدم مرشح واحد عن كل دائرة من الدوائر الثلاثة المتبقية، من بينها اثنان في فرنسا وأخرى في إيطاليا.
ويتكون البرلمان الجديد من 161 نائبا ويحلّ محل البرلمان الذي جمّد سعيّد أعماله في 25 تموز/يوليو 2021 ثم حلّه لاحقا في منظومة وصفت بانها كرست للفساد.
وسيكون البرلمان المقبل بصلاحيات اقل من البرلمان السابق بموجب الدستور الجديد الذي أقرّه الرئيس وتمّ إقراره إثر استفتاء شعبي حظي بمشاركة واسعة في 25 تموز/يوليو الفائت.
وبحسب الدستور الجديد، يمكن للبرلمان اقتراح مشاريع قوانين على أن تُقدّم من جانب عشرة نواب على الأقل، مع إعطاء الأولوية للنصوص التي يقدّمها الرئيس.
ويعلن في 20 آذار/مارس المقبل عن تركيبة البرلمان النهائية بعد تنظيم الدورة الثانية للانتخابات التشريعية ما بين شهري شباط/فبراير وآذار/مارس.
وينص القانون الانتخابي الجديد على الاقتراع الفردي ويحل محل انتخاب اللوائح، ما يضعف من مشاركة الأحزاب السياسية في الانتخابات وقد نتج عن ذلك ترشح شخصيات غير معروفة غالبيتهم بدون انتماءات سياسية.
برلمان بدون نساء
وقاطعت غالبية الأحزاب السياسية وفي مقدمتها حزب النهضة ذو المرجعية الاسلامية المعارض الأول لسعيّد والذي كان أكبر الأحزاب المهيمنة على البرلمان طوال عشر سنوات، إذ إنه يعتبر ما يقوم به الرئيس “انقلابًا على الدستور وعلى الثورة.
أمّا الاتحاد العام التونسي للشغل، النقابة العمالية الرئيسية في البلاد والذي قبل بقرارات الرئيس يوم 25 تموز/يوليو 2021 بدون منحه “شيكا على بياض”، فقد أظهر في الأيّام الأخيرة موقفا مختلفا وأكثر حدة تجاه مشروع سعيّد السياسي. واعتبر أمينه العام نورالدين الطبوبي في خطاب أمام أنصار الاتحاد أن الانتخابات القادمة “لا طعم ولا لون لها” وهي نتاج “دستور لم يكن محلّ توافق”.
ويشدد الخبير السياسي حمادي الرديسي على ان الاقتراع يطرح أيضًا “مشكلة التمثيلية” بمشاركة منخفضة للنساء (122 مرشحة، أقل من 15%) بينما تشكل النساء نصف سكان البلاد تقريبا (12 مليونا) .
ويبدي الرديسي مخاوفه من رؤية “برلمان بدون نساء”، بينما كانت المساواة إلزامية في القوائم الانتخابية في السابق.
وترشح للانتخابات 1085 شخصًا غالبيتهم غير معروفين من قبل الرأي العام التونسي.
ووفقًا “للمرصد التونسي للانتقال الديمقراطي”، فإن نصف المرشحين أساتذة (نحو 26%) وموظفون حكوميون ذو مستوى متوسط (نحو 22%).
وستكون نسبة المشاركة في هذه الانتخابات رهانا كبيرا وقدر الخبراء أن تكون ضعيفة. فيما مثل الوضع الاقتصادي ابرز اهتمامات الناخبين.
وقال عدد من الشباب أنهم ليسوا معنيين بالاقتراع مؤكدين أنهم “لا يرغبون في معرفة أي شيء عن المرشحين” فيما تحدثت وسائل الاعلام في تونس كثيرا عن “لامبالاة” التونسيين بهذه الانتخابات.
وتقول التاجرة مروة بن ميلاد إن “ما يحدث على الساحة السياسية لم يعد يهمني، لم أعد أثق بأحد. البلاد تسير من سيئ إلى أسوأ”.
ولم يهتم غالبية التونسيين بالحملات الانتخابية للمرشحين بل جعلوا من مقاطع الفيديو مصدرا للسخرية والضحك فيما اتهمت هيئة الانتخابات تلك الحملات بانها مدفوعة وغير بريئة.
وفي الأيّام الأخيرة كثرت نشاطات الرئيس، فتارة يزور حيّا شعبيا يفتقد لأبسط مقومات العيش، وطورا يظهر داخل مصنع للحليب فيما يرى مراقبون انه يقوم بحملة انتخابية نيابة عن المرشحين.
في المقابل، يواصل المواطنون مواجهة النقص المتكرر في الحليب والأرز والسكر، وارتفاع التضخم الذي اقترب من 10%، في حين تغرق البلاد المثقلة بالديون، في أزمة اقتصادية تفاقمت بسبب تداعيات وباء كوفيد-19 ثم الحرب في أوكرانيا.
ميدل إيست أون لاين