انتِظار نِتنياهو قُرب الهاتف واستِجدائه لمُكالمة من بايدن قد لا يطول.. ولكنّ الرّسالة المُهينة وصلت.. كيف ولماذا وما هي الصّفعة القادمة؟

 

يعيش بنيامين نِتنياهو رئيس وزراء دولة الاحتِلال الإسرائيلي حالةً من القلق والارتِباك تظهر جليًّا على وجهه هذه الأيّام بسبب تجاهله، بل احتِقاره، من قِبَل الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن الذي لم يُهاتفه حتى الآن رغم مُرور ثلاثة أسابيع ويومين على دُخوله البيت الأبيض نِتنياهو المُتغَطرس ينام والهاتف بالقُرب من أُذنه على أمل أن يتفضّل عليه الرئيس الأمريكي الجديد بمُكالمة هاتفيّة تَرُد له الاعتِبار، وتُعَزّز فُرصه في الانتِخابات التشريعيّة (الكنيست) الشّهر المُقبل، ولكن يبدو أنّه لن يظفر بهذا الشرف قريبًا، لأنّ بايدن “يتلذّذ” بإهماله، وإطالة أمَد انتِظاره، انتِقامًا للطّعَنات المسمومة التي تلقّاها في ظَهرِه من نِتنياهو شخصيًّا، إلى جانب طعنات أُخرى للحزب الديمقراطي طِوال السّنوات الخمس الماضية.

تَسوّل نِتنياهو لهذه المُكالمة الهاتفيّة الرئاسيّة وصل ذروته عندما بلغ الأمر بسفيره اللّيكودي لدى الأمم المتحدة داني دانون إلى توجيه رسالة “استجدائيّة” غير مسبوقة للرئيس بايدن يُعاتبه فيها على عدم مُهاتفة نِتنياهو، ويقول له فيها “يا بايدن تحدّثت إلى زُعماء كندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والمكسيك والهند واليابان وكوريا الجنوبيّة، فلماذا لا تتحدّث مع نِتنياهو”، وأضاف “إذا كُنت لا تملك رقم هاتفه فها هو الرّقم المُباشر، تفضّل وحادثه”

نِتنياهو المُتَغطرِس الذي اعتقد أنّه الحاكم المُتوّج لأمريكا يتناسى أنّه ذهب إلى الكونغرس، ومن وراء ظهر الرئيس باراك أوباما عام 2015 لكيّ يُحرّض النوّاب ضدّ الاتّفاق النووي مع إيران، واعتقد أنّ التّصفيق له وُقوفًا أكثر من 45 مرّة يعني أنّه بات أقوى من ساكن البيت الأبيض، وينسى أنّه “مثلما تُدَين تُدَان

الازدِراء لم يَقتصِر على عدم مُهاتفة نِتنياهو، وامتدّ إلى رفض استِقبال اثنين من أبرز مُساعديه في واشنطن، الأوّل هو يوسي كوهين رئيس الموساد الذي ينتظر مُنذ أسبوعين لتحديد موعد له للقاء بالمسؤولين الأمريكيين نُظرائه لمُناقشة المِلف النووي الإيراني، والثّاني مئير شابات مُستشار نِتنياهو للأمن القومي، وحامِل مِلف التّطبيع مع حُكومات عربيّة للغرض نفسه، أيّ بحث المِلف النووي.

عندما يَرفُض أنتوني بلينكن وزير خارجيّة بايدن تأييد ضمّ هضبة الجولان، والسّيادة الإسرائيليّة عليها، ويُؤكّد أنّ وضع القدس المحتلّة يخضع لمُفاوضات الحلّ النّهائي وتَستَأنِف إدارته مُساعداتها للسّلطة الفِلسطينيّة وتُعيد فتح مكتب منظّمة التّحرير في واشنطن فإنّ هذه الصّفعات هي رَدٌّ انتقاميٌّ على نِتنياهو وغطرسته، وتدخّله بكُل صِلف وغُرور في الشّؤون الداخليّة الأمريكيّة.

بايدن لا يحتاج نِتنياهو وتأثيره ونُفوذه على يهود أمريكا، لسببٍ بسيط وهو أنّه بينما كان يدعم نِتنياهو ترامب في الانتِخابات الرئاسيّة الأخيرة، ويُصلّي من أجل فوزه، أعطى 72 بالمِئة من اليهود الأمريكيين أصواتهم له، وحزبه الديمقراطي حتى لا يُساء فهمنا، نودّ أن نُؤكِّد في هذه الصّحيفة “رأي اليوم”، أنّنا نعتبر الحُكومات الأمريكيّة جميعًا، بما فيها حكومة بايدن هي مصدر مُعظم النّكبات التي حلّت بنا والعدوّ الأوّل للعرب والمُسلمين، وتَقِف في خندق دولة الاحتِلال الإسرائيلي، وأنّ مواقف بايدن هذه تُجاه نِتنياهو تَنطَلِق من خِلافٍ شخصيٍّ في مُعظم الحالات، وليس من مُنطَلق خِلاف على بقاء إسرائيل دولة مُحتلّة عُنصريّة للأراضي العربيّة المُحتلّة، واستِمرار تهديدها لأمن مِنطقة الشرق الأوسط واستِقرارها.

بايدن أراد أن يثأر لكرامته وحزبه من رئيس وزراء إسرائيلي مُتغَطرِس وَقِح تجاوز كُلّ الخُطوط الحمراء، لا أكثر ولا أقل، ولهذا سيَجِد الدّعم في هذه الجزئيّة من الكثيرين في العالمين العربيّ والإسلاميّ، وداخِل الولايات المتحدة، وربّما داخِل “إسرائيل” نفسها.. واللُه أعلم.

 

 

صحيفة رأي الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى