انقلابيات
“سأعود يوماً للسير في تلك الشوارع التي كانت في مدينة سانتياغو الدامية”
نيرودا…بعد انقلاب تشيلي1973
_________________________________________
وصل حزب إسلامي تركي إلى السلطة عام 1995 اسمه حزب الرفاه بزعامة نجم الدين أربكان، (أستاذ أردوغان) بالتحالف مع الحزب الإسلامي الآخر “الطريق القويم”.
بعد عامين، اجتمع مجلس ضباط الأمن القومي التركي وقرروا الانقلاب على الحكومة الشرعية، ولكنهم بدلاً من توجيه الدبابات وجهتها ،كما هي عادات الانقلابات صباحاً باكراً… وجهوا مذكرة إلى الحكومة تطالبها بالرحيل. وهكذا، دون قطرة دم، رحلت الديمقراطية، وحكم العسكر 5 سنوات. وقد سميت مذكرة الانقلاب (دبابته) “مذكرة ما بعد الحداثة” وانقلاب “ما بعد الحداثة”.
في تلك السنوات الخمس نشأ وترعرع حزب العدالة والتنمية، ونال أصوات الأغلبية في انتخابات عام 2002 إلى أن جاء انقلاب “ماقبل الحداثة” الغامض، الذي لا يعرف أحد، حتى الآن، كيف فشل انقلاب فيه هذا العدد من الجيوش، والضباط والقضاة، والمعلمين، وعمداء كليات الجامعات، والدعاة ، والحرس الجمهوري، والشرطة، والطيارين…ما تعداده، حتى الآن، أكثر من 60 ألف شخص؟
هذا ليس انقلابا ،وانما مجزرة للاستقرار في بلد كان يتفاخر بعبارة بائسة في تبجحها، متوسلة في دلالاتها …عبارة “صفر مشاكل” .
ـ 2 ـ
وقعت في سورية منذ الاستقلال 1946 إلى 1984 تسع انقلابات وحوالي 5 محاولات فاشلة.
كان يقوم بهذه الانقلابات عدد قليل من الضباط يحتلون، قبل اي مكان، الإذاعة والتلفزيون، ويبثون البلاغ رقم واحد، ثم تتوالى برقيات التأييد من القطعات العسكرية غير المشاركة.
الانقلاب الاهم، والوحيد الذي كانت لديه كل مقومات النجاح، وفشل… هو انقلاب العقيد رفعت الأسد على أخيه الرئيس حافظ الأسد حين كان مريضاً. وهو الانقلاب الذي لو أطلقت فيه طلقة طائشة…لكان وسط دمشق قد صار أنقاضاً.
الانقلاب الرابع قاده العقيد أديب الشيشكلي عام 1952 واستمر حتى العام 1954 حيث أعلن ضباط حامية حلب تمرداً عسكرياً. ويقال أن الشيشكلي سلم السلطة وذهب إلى لبنان ومنه إلى البرازيل، لكي لا تتذابح القطعات العسكرية اللمقسومة بين فريقين.
بعد أقل من عشر سنوات من المنفى الشيشكلي، دخل شاب اسمه “نواف غزالة” مع مجموعة من العمال إلى مزرعة الشيشكلي. وعندما رآه قال له: إذا صدر عنك عفو هل ستعود إلى سورية؟ فأجابه الشيشكلي أكيد طبعاً. فقال له نواف: أهلي شهداء مجزرتك في السويداء (أم وأخت) “لن تعود وأنا حي” . وأطلق عليه خمس رصاصات من مسدسه قائلاً: هذه الرصاصات من سلطان باشا الأطرش.
العام الماضي شيعت مدينة السويداء “نواف غزالة” عن عمر يناهز الثمانين عاماً.
ـ 3 ـ
في التشيلي قام انقلاب على حكومة سلفادور الليندي المنتخبة، وهي تحالف اشتراكي وماركسي ويسار. قاد الانقلاب الجنرال بينوشيه. وقتل الليندي في القصر الجمهوري وهو يقاتل. وحتى الآن هناك مواطنون تشيليون يجيبونك على سؤال : من رئيس تشيلي ؟ إنه سلفادور الليندي.
من طرائف انقلاب تشيلي أن الشرطة أصدرت بلاغاً بالقبض على (برودون) وهو مفكر فوضوي فرنسي متوفي: “على السيد برودون تسليم نفسه لأقرب مخفر شرطة خلال أربع وعشرين ساعة”. والسبب أن حركة الطلاب ضد الانقلاب كانت توزع منشورات تحض فيها على العصيان المدني مستعينة بأقوال ماثورة لمفكرين يساريين، من بينهم السيد برودون.
ـ 4 ـ
النقيب منغيستو هيلا ميريام، قائد الانقلاب الأثيوبي ضد الإمبراطور هيلاسلاسي…تعرض لانقلاب فاشل. فبدأت التصفيات قتل خلالها عشرات الآلاف دون محاكمة، أو انتظار لفرز البريء من المتهم.
الطريف الفظيع، أن أهالي الضحايا، كي يحصلوا على جثث أبنائهم، يجب أن يدفعوا (نقداً أو بضائع مثل الخراف والدجاج والغلال) ثمن الطلقات التي قتلوا بها.
ـ 5 ـ
لمنع التساهل في استلام السلطة، أمسك معاوية بن أبي سفيان برقبة ابنه يزيد وقال له: “والله لو أن الخلافة في صدرك لانتزعتها منه بسيفي هذا”.