برقيّات سعود الفيصل في 2014: هكذا أديرت «الوصاية» على اليمن
حصلت «الأخبار» على وثقيتين سعوديتين، صادرتان في عام 2014، تكشفان تفاصيل جديدة حول التدخّل السعودي في اليمن منذ ما قبل الحرب الحالية، وتقدمان نموذجاً عن طبيعة تدخل أمراء الرياض لـ«شراء» المسؤولين والساسة اليمنيين من الصف الأول. وتعد الوثيقتان دليلاً جديداً على حجم هذا التدخل على مدى السنوات الماضية، والسابقة لصعود حركة «أنصار الله». دليل يميط اللثام عن ما دفعته المملكة من أموال طائلة وظفتها للتحكم بمفاصل الدولة اليمنية وقرارها السياسي، وعن حجم نفوذها الذي بلغ حد تعيين المسؤولين في أعلى هرم السلطة.
تؤكد برقيتان مسربتان من وزارة الخارجية السعودية أن الأموال التي دفعها النظام السعودي في اليمن، لا تقتصر، كما كان يعتقد، على المدرجة أسماؤهم في موازنة «اللجنة الخاصة» باليمن من مشائخ قبائل ومتنفذين من الصفيّن الثاني والثالث، بل تتعداه إلى المسؤولين الكبار في الحكومة، بغية إحكام «الوصاية» الكاملة على الجار الجنوبي.
الوثيقة الأولى، ويعود تاريخها إلى شهر أيار من عام 2014، عبارة عن تقرير، مختوم بعبارة «سري للغاية»، مقدم من وكيل وزارة الخارجية السعودية لشؤون المعلومات والتقنية، محمد بن سعود بن خالد، إلى وزير الخارجية آنذاك، الأمير سعود الفيصل.
يفيد وكيل الوزارة، الوزيرَ الفيصل بأنه التقى وفق توجيهات الأخير وزير الاتصالات اليمني، في ذلك الوقت، أحمد عبيد بن دغر (رئيس الوزراء الحالي في حكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي). وفي اللقاء، سلّم المسؤول السعودي رسالة بعث بها سعود الفيصل إلى بن دغر.
يطمئن وكيل الوزارة السعودية وزيرَه سعود الفيصل بأن بن دغر أظهر التجاوب التام مع مطالب وزير الخارجية السعودي، والتي تبدو وكأنها موجهة من «محتل» إلى «عميل» ينفذ الأوامر، وهي: «القيام بما أمرتم به من آليات متابعة الوضع السياسي القائم في اليمن وإعطاء الأولوية لمصالح المملكة لما له من انعكاسات على مكانة المملكة إقليمياً».
أما الثمن مقابل «جاسوسية» بن دغر، فهو: «تعيينه نائباً لرئيس الوزراء (اليمني) ومستشاراً لرئيس الجمهورية». وهو ما تحقق بالفعل، إذ لم تمض أسابيع من تاريخ البرقية، حتى قفز وزير الاتصالات وتقنية المعلومات في حكومة محمد سالم باسندوه (رئيس الوزراء اليمني في ذلك الحين)، إلى منصب نائب رئيس الوزراء في 11 حزيران 2014، قبل أن يعيّن مستشاراً لهادي في الأول من آب 2015.
أما الوثيقة الثانية، فيرد فيها اسم وزير الخارجية اليمني السابق، أبو بكر القربي. وهي رسالة موقعة من وزير المالية السعودي إبراهيم العساف، إلى وزير الخارجية سعود الفيصل، في نيسان 2014. وتتضمن الرسالة إخطاراً بصرف وزارة المالية السعودية مبلغ 600 ألف دولار، لصالح وزير الخارجية اليمني آنذاك أبو بكر القربي، بناء على «الأمر السامي» الصادر عن الأمير سعود الفيصل، قبل يوم واحد من دفع المبلغ.
وتشير البرقية المسربة إلى أنه «تم صرف شيك رقم 309214 بتاريخ 12/6/1435 هـ، بالمبلغ المطلوب وتحويله إلى الحساب السري للدكتور أبو بكر عبد الله القربي رقم AB-012-55300 من خلال البنك السعودي البريطاني (ساب)، مشفوعاً لسموكم صورة من الشيك وخطاب إفادة من البنك بالمبلغ المحمول المذكور».
ويرد في المقطع الأول من الرسالة أن حساب القربي في جنيف مودع في بنك «HSBC» السويسري، إلا أن الوثيقة لا تتضمن سبب صرف المبلغ للقربي، السياسي اليمني الشهير، الذي استمر في وزارة الخارجية اليمنية من عام 2001 إلى عام 2014.
صحيفة الأخبار اللبنانية