بوادر مواجهة بين تركيا وهيئة تحرير الشام في شمال سوريا
فشلت هيئة تحرير الشام المتشددة (جبهة النصرة سابقا) في تشكيل تحالف عسكري جديد يضم جماعات إسلامية مسلحة، حيث أعلنت بعض تلك الجماعات بعد ساعات قليلة من الاندماج في فصيل جديد أطلق عليه “تجمع الشهباء”، انشقاقها وانسحابها سريعا، بعد أن لوحت تركيا بقطع التمويل عنها، بينما كان الهدف من الاندماج توحيد تلك الجماعات في مواجهة وضع جديد بدأ يتشكل على خلفية خطوات التقارب السوري التركي.
وتكشف هذه التطورات أن العلاقة التي كانت قائمة بين تركيا وجبهة النصرة سابقا انهارت وأن الوضع قد يتجه لمواجهة بين القوات التركية والفرع السوري لتنظيم القاعدة والذي استخدمته سلطة الاحتلال التركي لسنوات في ضبط انفلاتات الميليشيات السورية الموالية لها.
وسبق لزعيم حركة هيئة تحرير الشام أبومحمد الجولاني أن أعلن مؤخرا في ظهور نادر ضرورة الاستعداد للمتغيرات، ملمحا إلى أن تركيا قد تتخلى عن الفصائل السورية المسلحة في صفقة تسوية محتملة مع النظام السوري. ونظمت الجماعة المتشددة التي تعتبر الفرع السوري لتنظيم القاعدة قبل أن تخلع ثوبها دون أن تتخلى عن ايديولوجيتها، العديد من المظاهرات في مناطق سيطرة المعارضة، مناوئة لخطوات المصالحة بين أنقرة ودمشق.
وبحسب ما ذكرت مصادر محلية وكذلك المرصد السوري لحقوق الإنسان في تغريدات على حسابه بتويتر، فإن التشكيل العسكري ضم في بداية تشكيله قبل انفراط عقده بسويعات، حركة أحرار الشام – القاطع الشرقي المقرّب من ‘هيئة تحرير الشام’ والمناوئ للفيلق الثالث، إضافةً إلى الفرقة 50 في فصيل ‘أحرار التوحيد’ و’حركة نورالدين الزنكي’، فيا يبلغ عدد مسلحيه 22 ألفا.
وأعلن التحالف الجديد في بيان مصور بث على منصات التواصل الاجتماعي أن الهدف من عملية الاندماج هو “الحفاظ على أهداف الثورة والاستمرار فيها وإسقاط النظام وتنظيم الصفوف العسكرية للدفاع عن المنطقة ضد أي هجوم محتمل”.
وتلا البيان قائد التشكيل الجديد حسين عساف أبوتوفيق الملق بـ’حجي تل رفعت’، موضحا أن الهدف من الاندماج هو أيضا مساندة المؤسسات الامنية والشرطية وقطاع الخدمات في مواجهة تحديات يشكلها من وصفهم بـ”عملاء الدولة السورية” وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) ومكافحة آفة المخدرات.
وكان يشير دون أن يذكر تركيا بالاسم، إلى تحديات جديدة في طور التشكل مع الانعطافة التركية التي وصفها أبومحمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام قبل فترة، بـ”الخطيرة”.
لكن التحالف الجديد بين الجماعات المتطرفة لم يصمد طويلا، إذ أكد نشطاء بعد ساعات من عملية الاندماج أن مجموعات منه أعلنت انسحابها وبينها ‘لواء الفتح’ وقسم من جماعة نورالدين الزنكي وثلاثة تكتلات من تنظيم ‘أحرار التوحيد’ بعد أن هددت أنقرة بقطع التمويل عنها في حال لم تنسحب من التحالف العسكري الجديد.
ويسلط هذا التطور الضوء على الدور التركي الوازن في دعم جماعات متشددة وكذلك توترا في العلاقة بين تركيا وهيئة تحرير الشام التي كانت وراء تشكيل ‘تجمع الشهباء’، في حين كانت تقارير سابقة قد أوضحت أن سلطة الاحتلال التركي في شمال سوريا حافظت على قدر من علاقة الود مع ‘تحرير الشام’ أحد أقوى التنظيمات المتطرفة، للسيطرة على عشرات الفصائل السورية المسلحة التي تنسب لها جهات غربية ومنظمات حقوقية ارتكاب جرائم خطف وتعذيب ونهب للممتلكات وإرهاب المدنيين.
وكانت هيئة تحرير الشام تخطط من خلال تشكيل تحالف عسكري جديد لزيادة حالة التوتر والانشقاق بين ميليشيات التابعة للجيش الوطني الحر الخاضع لإدارة تركيا وإشراف من جهاز المخابرات التركية، فيما سعت كذلك لإضعاف قوة ‘الفيلق الثالث’ الذي يشهد توترات داخلية وانقسامات بعد خلافات بينه وبين هيئة تحرير الشام.
وقال الباحث السياسي والمعارض فراس فحّام في تغريدة على حسابه بتويتر إن “الإعلان عن تجمع الشهباء الذي ضم كل من كتلة تل رفعت في الفيلق الثالث سابقا إضافة إلى القطاع الشرقي لأحرار الشام وقسم من حركة نورالدين الزنكي سابقا، بمثابة نفوذ جديد لهيئة تحرير الشام في مناطق الجيش الوطني السوري، إذ ترتبط الكتل المندمجة بتنسيق مُسبق مع الهيئة”.
وبحسب ناشطين محليين فإن التوتر عاد مجددا بين ‘الجبهة الشامية’ و’حركة تحرير الشام’ القاطع الشرقي وذلك بعيد اعلان تشكيل ‘تجمع الشهباء’ (قبل أن ينفرط عقده) إذ قامت حركة أحرار الشام باستنفار قواتها وأرتالها العسكرية في شمال سوريا بعد حصولها على معلومات تفيد بأن الجبهة الشامية ضالعة في عملية اغتيال أحد قادتها ويدعى صدام الموسى ضربة جوية تركية بطائرة مسيرة في 25 يناير/كانون الماضي بتنسيق مع الاستخبارات التركية.