بوتين يضم تولستوي إلى حملته بمواجهة الغرب !!
في تناوله للسلوك الغربي استعان الرئيس بوتين بالثقافة والفلسفة وضم تولستوي إلى عمليته العسكرية الخاصة في أوكرانيا، وفعل سلاح الرواية في وجه الغرب. كما جند الفلسفة الروسية الكاشفة لجوهر السياسات الغربية في تعاطيها مع الآخرين. هذا ما برز في كلمة الرئيس بوتين أمام (نادي فالداي للنقاش) الذي عقد الأسبوع الماضي في روسيا.
خطاب بوتين في فالداي كان جزءاً من معركة الأفكار مع الغرب. معركة القيم والمبادئ الاجتماعية والسياسية، مستشهداً بما قاله فيلسوف روسي حول الغرب : ( لاستمرار الغرب في الرفاهية التي يعيشها سادته يحتاجون لكامل موارد البشرية. وهذا ما يعملون للحصول عليه ). استنتج بوتين بناء على هذه الفكرة أن الغرب، وبسبب (عمى الفوقية) ، مصاب بـ (جنون السيطرة والهيمنه)، وعمى الفوقية ليس إلا العنصرية المتخفية بإدعاء الديمقراطية وحقوق الإنسان. وكما شرح بوتين فإن الديمقراطية هي في تعدد الأقطاب وليس بسلطة قطب مصاب بـ (عمى الفوقية) يسعى للإستحواذ على موارد وثروات البشرية. كما أن جنون (السيطرة والهيمنه) هو الجريمة المستمرة بحق الإنسانية جمعاء، كما يفهم من سياق خطبة بوتين.
في طرحه أمام (نادي فالداي للنقاش) ، الذي حضره المفكرون والخبراء من جميع أنحاء العالم، ولو بنسبة اقل من السنوات الماضية، عرض بوتين أن بلاده تطالب بحقها في التطور والمكانة والهيبة والقرار المستقل. بينما النزوع الغربي للسيطرة دفع الحلف الاطلسي للتمدد مهدداً روسيا ومحاصراً لها. وهذا ما تسبب في الحرب في أوكرانيا. وما قصة القواعد التي ينادي بها الغرب ضد الاستبداد إلا حجة مضلله كما يرى بوتين. وفي موضوع الحرية الغربية التي يريد الأطلسي أن يعممها على العالم كوسيلة لتدمير ثقافات وقيم الشعوب.. يستحضر بوتين في كلمته أحد شخصيات تولستوي الروائية والتي تقول (عندما تخرج من حرية لا حدود لها تدخل في استبداد لا حدود له هذا ما وصل إليه الغرب)، ويستنتج بوتين من شخصية تولستوي بأن المجتمع الغربي يعيش في استبداد مغلق بإدعاء الحرية بلا حدود.
استثمر بوتين منصة (فالداي للنقاش) ليشهر سلاحه الفكري في وجه الغرب. مؤكداًعلى أن الحوار أساس وحدة البشرية التي تعتمد على التنوع لا على التصورات الساذجة للغرب و التي يريد فرضها على البشرية ليحافظ على نهبه للموارد الإنسانية. وركز الرئيس الروسي في كلمته على دعوته لاحترام حقوق كل شعب بممارسة نظامه السياسي و ثقافته الاجتماعية و استقلاليته وسيادته لانه يرى أن في ذلك سر وأساس بناء الحضارة الإنسانية.
رداً على طروحات بوتين في فالداي دعت افتتاحية الواشنطن بوست إلى تجاهل كلام بوتين والتركيز على ما يصنفه الغرب ( جرائم الحرب الروسية) على اوكرانيا. وتزامنت كلمة بوتين في فالداي مع إعلان البنتاجون( استراتيجية الدفاع الوطني) التي صنفت (روسيا خطراً حاداً)… وبذلك فإن العالم ما زال بعيداً عن الحوار الفكري، وما زالت الحرب المدمرة هي الصوت الأعلى. . . . للأسف !!