بين السلاح والسلمية .. هل من مكان للديمقراطية ؟؟؟؟
هل من مكان للديمقراطية بكل المقاييس والتحليلات العالمية للثورات، ثبت أن سلمية أي حراك تستغرق وقتا” أطول ولكنها ترسّخ مفاهيم الحرية والديمقراطية والانتقال الصحيح لدولة العدالة والقانون .. ..
أما عسكرة الفكر الثوري … فهناك أخطار محدقة تواجه الحركات المسلحة منها :
ازدياد امكانية الانتقال الى ديكتاتورية أخرى خاصة بغياب فكر وطني جامع لحاملي السلاح، ووجود السلاح يمنح حامله السلطة والقوة ليشعر بالتفوق والعنجهية.
ارتفاع وتيرة العنف والقمع الذي يمارسه من يحمل السلاح، ناهيك عن الأرواح البشرية التي تذهب نتيجة هذا الصراع، اضافة الى صعوبة السيطرة على السلاح بعد تحقيق الهدف وكيفية ضبطه ومن ثم جمعه في مرحلة ما بعد الثورة .. ومن الطبيعي أن الدم يزيد الدم .. والعنف يزيد العنف وبالتالي هناك فعل ورد فعل .. لنصل الى نقطة قد يسيطر فيها الأقوى وليس بالضرورة صاحب الحق.
أمامنا نموذجين في الربيع العربي .. عن تسلح الثورات .. هما ليبيا وسوريا. ففي ليبيا، ورغم انتصار الثورة الا أنه والى اليوم ما تزال ليبيا تعاني من حالة من الفلتان الأمني بسبب انتشار السلاح بيد بعض الفصائل وعدم تمكن الحكومة الجديدة من السيطرة عليه حتى الان مما يسبب أزمة حقيقية يتم التعتيم عليه إعلامياً، حيث مازالت فوضى انتشار السلاح لدى كافة القبائل يؤدي الى احياء الصراعات القديمة وتصفية الحسابات القديمة، كما أن رفضها لرمي السلاح يشكل أعباء أمنية كبيرة على المجلس الانتقالي .. إذ يوجد اليوم 4 ميليشات مسلحة كل منها يسيطر على جزء من طرابلس وتتبع أوامر قادتها ولا تتبع أوامر المجلس الانتقالي الوطني، ولكل منها غاية مختلفة عن الأخرى حسب مموليها وداعميها .. ورغم البدء بعملية تسليم السلاح وتنظيمه عن طريق الالتحاق بالأمن القومي الليبي ..الا أنه لم يتجاوب الى اليوم الا 600 مسلح وباقي الميليشيات ترفض وما زال السلاح يتنقل بحرية في شوارع طرابلس … مثيرا” الفزع والرعب ..
أما في سوريا، فمنذ اطلاق صرخات التسلح، ورفع شعارات عسكرة الثورة تمثلا” بالنموذج الليبي الذي اعتبرته المعارضة السورية السبيل الوحيد للتخلص من النظام السوري ..والسلاح يستخدمه الطرفان في تدمير البلد .. من خلال قصف وتدمير البنى التحتية لمؤسسات الدولة والمجتمع والاقتصاد.
الى اليوم الوضع في تأزم ناتج عن تدمير المناطق السكنية لمدن بأكملها مما أدى الى نزوح أعداد كبيرة من السوريين الى دول الجوار ولجوء الكثيرين الى المناطق الآمنة نسبياً ..هرباً من العنف والقصف والقتل.
وضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم .. ويزيد التخوفات على مستقبل الحرية والديمقراطية في دول عربية استكانت لنصف قرن تقريباً تحت نير القمع والاستبداد .. لتنهض اليوم وتجد السلاح وقد أصبح لغة التخاطب والحوار بين فرقاء الوطن الواحد بدل أن تنعم بحقها في حرية وعدالة وديمقراطية .. وبدل ان تكون صناديق الاقتراع هي سبيلها لتختار مصيرها ومستقبلها،
واذا بالسلاح وحامله يفرض قراراته الإقصائية بلغة استبداد جديدة .. ومهما كانت نتيجة الحسم الا أنه بالتأكيد هناك وقت طويل سيمضي قبل أن يتم ضبط هذا السلاح واعادته تحت سيطرة الدولة.
لنعود الى ما بدأناه .. السلمية هي الطريق الأطول ولكن الأمثل لتحرر الشعوب ونيل حريتها وديمقراطيتها .. فرغم ضياع السلمية تحت وطأة القتل والرصاص … لم يكن السلاح ولن يكون يوماً الطريق لحرية وعدالة الشعوب .. انه مقبرة الديمقراطية والحرية والانسانية لأجل طويل.
بالنهاية ..مهما علا صوت الرصاص يبقى للسلمية انسانيتها … وللسلاح بريق الدم …….فهل من مكان للديمقراطية …!!