أخر صيحات القرن الواحد والعشرين … !!!
أخر صيحات القرن الواحد والعشرين الموضة … لا تنحصر فقط في نمط الأزياء والأكسسوارات ، وما يتبعها من قصات الشعر وألوان اللباس ، وأشكال الأحذية والجوارب.. !!!
إنها هجمة فكرية يرافقها ما سبق .. وترافق ما سبق .. لتعبر عن حالة عامة تجتاح شريحة من المجتمع ، تتخذ من أسلوب التفكير أو من الشعارات طريقة لتتميز بها عن الأخرين ، ولتصنع لنفسها خصوصية تنافس بها أقرانها … فقد تصل الرغبة في التميز والتعبير عن النفس الى مرحلة غريبة جداً تثير استياءاً عاماً .. أو تشكل ظاهرة مرضية، أو حالة ثورية ، تتفاوت بشدة تأثيرها على باقي فئات المجتمع بالتغطية الاعلامية التي ترافقها ، وبالقاعدة الشعبية التي تؤيدها أو تعارضها .. وبالقيم الفكرية التي تتبناها ..
خليط من العوامل الفكرية والشكلية والاجتماعية .. تتضافر لتشكل ظاهرة مختلفة .. تدمغ المرحلة ببصمتها …
فمن عصر البكيني والشارلستون والتعري والحرية الجنسية الذي رافق السريالية .. إلى عصر السواد وصور الجماجم والشياطين التي رافقت عبدة الشياطين … الى عصر اللحى والتزمت، والنقاب الذي رافق القاعدة والسلفية وفكر الجهاد … حالات صبغت المرحلة التي أتت خلالها بطابع خاص ووسمتها بفكرها ..
بغض النظر عن النتائج وتأثيرها على المجتمع، وخاصة جيل الشباب الذي يبحث عن التميز والتعبير عن نفسه بين عمر 15 و25 ، حيث يتبنى كل ما هو غريب ليقول لمجتمعه أنا مميز ومختلف .. ومعترض .. وحر ….
ولكن حقيقة وبالعمق .. فان بعض هذه الظواهر تكون لطيفة .. وتترك بصمة محببة على عصرها .. والبعض الأخر يترك أثار سلبية مدمرة يدوم تأثيرها لسنوات ويحتاج الخروج من تبعاتها السيئة إلى سنوات وسنوات ..
وهذا ما تخلفه الظواهر القائمة على الفكر العدائي أو التكفيري .. والتي تستند في طروحاتها وقيمها وسيطرتها على استخدام العنف والذي قد يصل بعض الأحيان حد القتل .. مستنداً على الدين في تبنيه لبعض القيم والأفكار .. أو على اجتهادات بعض الأشخاص ممن يتمتع بكريزما ملفتة وحضور مميز وحديث جذاب .. ومنهم من يعتمد على المال في شراء الولاءات أو على دغدغة الغرائز وإباحة المحرمات.
لقد اختلفت الأساليب والهدف واحد .. وهو السيطرة .. من خلال استغلال حاجة جيل كامل من الشباب الى اثبات الوجود .. والبحث عن مكانة لهم في زحمة الحياة …
وهذا مابات يشكل قلقاً كبيراً اليوم على المجتمعات العربية من غزو ظاهرة التطرف .. والتي تتخذ من الدين شعاراً لها ومن تعاليمه قيماً تتغنى بها، وهي في الواقع أبعد ما تكون عن الدين وعن سمو تعاليمه وانسانيته .. فقط تأخذ من الدين اسمه.
إنها موضة العودة الى السلف .. والتمثل به من طريقة اللبس الى نمط الحياة .. إلى آلية التفكير … والتي باتت اليوم تصطدم مع موضة التحرر من الطغيان والتبعية والانقياد، التي ارتدتها شريحة أخرى من الشباب معلنة ولادة عصر التحرر والحريات ..
لتجد هاتان الشريحتان المتموضتان نفسيهما بمواجهة لم يحسب لها حساب ..
في وقت لا مكان فيه للعودة للوراء .. ولا مكان فيه للالغاء والاقصاء ..
ففي عالم الموضة .. قد يتبنى البعض أحدث الصيحات .. ويعتكف أخرون ليبقوا على ما اعتادو عليه .. ويجربها أخرون وعندما لا تليق بهم يخلعونها ويجربون شكلاً أخر .. !!
نحن اليوم نواجه هذه القاعدة وفكرها المتطرف والتي قد يتبناها البعض .. ويرفضها آخرون .. ويجربها من يحب التجريب .. ولكن ما هو أكيد أن هذه الموضة لن تعجب شباب التغيير لا بلباسها ولا بتفكيرها وتكفيرها .. وهي وإن كانت موضة آنية فإنها ستنتهي .. مخلفة آثاراً سلبية .. نترك لشباب الربيع إصلاحها .. فمن ثار على الاستبداد لن يقبل ببديل له ولو ارتدى أطهر الأثواب.