بلاغ رقم … (0)
بلاغ رقم … (0) روّعني المشهد … وأنا اتأمل صورة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ، تظهر فيها سيارة بيك أب محملة بجثث مقاتلين، تم تصفيتهم بمعركة القتال الدائر في سوريا .. تظهر العري والتشوه الجسدي والدماء ..
تدور بين الأحياء السكنية المدنية الآمنة، وتقف لدقائق مشبعة فضول العيون النهمة لالتهام وجبة دسمة من مشاعر التشفي والانتقام بأبشع صوره .. صورة قد تكون عادية ومطروقة جداً في بلدان عالم اعتاد منذ نعومة أظفاره رؤية مشاهد الجثث والدمار، ومتابعة أخبار الحرب والتقلبات السياسية، ومشاهد القتل والتنكيل الانساني في إعلام اعتمد لكسب المصداقية على إرفاق أخباره بصور فاضحة للإنسانية بكل صفاقة ووقاحة ، دون أن ينبه أنها لا تصلح للقلوب الحساسة والعقول الحالمة ، والطفولة المرهفة ..
على كل ليست مشكلتي بالصورة العارية من كل ما هو انساني .. والتي اعتدناها كوجبة فصلية لتحريك مشاعر يخاف الإعلام المسيس أن تستكين وتتصالح مع إنسانيتها .. إنما ذهولي كان أمام وجود طفل صغير لم يتجاوز عمره الستة أعوام يحمله والده ليتفرج على الجثث المكدسة في البيك آب وعلامات الابتسام على وجه والده تشي بشعور الرجولة والقوة والنصر .!!
أي جيل نخلق يا بني آدم وأي إنسان نبني .. إذا أصبحت حرمة الجسد وقدسية اإانسان مستباحة أمام عيون أطفالنا، وأصبح حمل السلاح والقتل والدم بطولة ورجولة، ومتابعة عدد القتلى وصور الجثث المشوهة أكثر اثارة من متابعة أفلام كرتون والصور المتحركة ؟؟ وأصبح الاحتفال بكمية الجثث وكم التشويه والتنكيل بها أمام عيون أطفالنا هو مقياس لمدى نجاحنا وتطورنا ..؟؟؟
ما يحصل اليوم هو أسهل وأسرع طريقة لاعلان النصر على إنسانيتنا ،وتدمير حضارتنا وثقافتنا وضمان مستقبل دموي ، مشوه، مريض لأطفالنا ..
فاستباحة المحظورات الإنسانية أسوأ من تدمير المدن وحرق البيوت .. اللعبة لم تعد حرباً بين طرفين مسلحين .. بل تحولت إلى حرب همجية ضد الإنسانية وضد الطفولة وضد العقل البشري .. وإذا لم نرفع حالة الحذر القصوى، ونعلن إغلاق منافذ التسريبات المشوهة والمشاهد اللا إنسانية، ونعيد لأطفالنا طفولتهم المسلوبة ، فإننا مهما ادعينا رفضنا للحرب والعنف، نكون شركاء مسيئين فيها.
احموا عقول أطفالنا وأعيدوا لهم طفولتهم المسلوبة .. اللهم اني قد بلغت !!
02.04.2014