نافذة على المستقبل .
نافذة على المستقبل . بعد أن اتخذت قراري الشهير بترك السياسة وقطع علاقتي بها لما سببته لي من أزمات نفسية وأخلاقية باعتبار السياسة بلا أخلاق ولا إنسانية .. رغم كل محاولاتي معها لإعادتها إلى الطريق القويم وإضفاء مسحة أخلاقية عليها ، وقولبتها ضمن فكر إنساني مقبول .. فقد أيقنت أن لا أخلاق ولا إنسانية في السياسة والمصالح الدولية والحرب .. وقد يجد صاحب العلاقة ١٠٠ تبرير لتصرفاته، ومنها أن الغاية تبرر الوسيلة ، وأنه من أجل الكثير يجب أن نضحي بالقليل .. لتبقى المعضلة هي هذا القليل … وكم يعني من أرواح بشرية بريئة قدرها أن تكون وقوداً لمصالح أفراد يعتبرون أنفسهم كل شيء وهم الكثير ..
عليه أطلقت على السياسة يمين الطلاق حالياً وبطلقة واحدة … لأنه ما زال عندي الكثير لأقوم به علني أنقذ البقية الباقية من فسحة الأمل.. !! وأعود فألتفت إلى ما أعتبره اليوم نافذة لمستقبل قد يكون أفضل .. وهو التعليم .. والتنمية .. والتربية .. علّنا من خلالها نفتح أفقاً أوسع أمام جيل جديد، ليعي تماماً هذه القيم ومعانيها الانسانية والأخلاقية والوطنية بطريقة أكثر حساسية وشفافية ومصداقية …
فدورة الحياة اليوم هي في قاعها الأخلاقي .. ونحن نسبح في مستنقع الكذب والفساد والدم .. ولكن لا بد من نهضة تلي الحروب التي تدمر كل القيم وتسحق كل المفاهيم الانسانية، وتحرقها بلهيب السلطة والمال ..
فبعد الحرب .. تنهض الشعوب عادة بقوة أكبر، ومفهوم جديد، وتبني نفسها بنفسها على أسس أقوى متداركة أخطاء المرحلة التي سببت الحرب ..
أما الكارثة الكبرى تكون عندما لا يتم إعادة الإعمار على أسس سليمة أخلاقياً وإنسانياً .. بل يتم تجميل الحرب والدمار وإطفاء النار وترك الجمر متقداً … ويتم إخفاء الأخطاء وإنكارها، وعدم علاجها بشكل سليم و حقيقي وفعال على أسس العدالة والقانون .. فنكتفي بأبنية حديثة على الطراز العصري بكلفة عالية جداً .. ولكن دون أساس أخلاقي وإنساني متين قوي .. يتضعضع عند أول أزمة أخلاقية وينهار مع أول طلقة طائفية لا وطنية ..
لتبقى المواطنة والتربية والتعليم . . أساس أي مجتمع قوي متماسك ..وإعادة إعمار أي بلد مشوه من الحرب على أسس العدل والقانون والمساواة هو الضمان لإعادة الإعمار، والضمان لدولة قوية محمية من الهزات الطائفية والمؤامرات الدولية ..
ويبقى العلم والتربية والعدل … أساس الوطن … وليس فقط الأبنية التي تنهض فوق الأرض.
28.05.2014