تراجع إسرائيليّ تحت التهديد: اتفاق جزئي مع الحركة الأسيرة
قبل أيّام من بدء الإضراب الكبير الذي أعلنته الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال، والذي كان مزمعاً انطلاقه أواخر الأسبوع الحالي، أبلغت إدارة السجون الإسرائيلية، قيادة الأسرى الفلسطينيين، استجابتها ـــ من حيث المبدأ ـــ لمطالبهم، بوقف العقوبات التي أُنزلت بحقهم بعد «عملية جلبوع»، وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل العملية.
وعليه، قرّرت الحركة الأسيرة تعليق الإضراب مؤقّتاً، مع إعطاء العدو فرصة للتراجع عن الخطوات المتّخذة بحق أسرى حركة «الجهاد الإسلامي» خصوصاً. وسبق أن أعلنت قيادة الأسرى، أوّل من أمس، قرارها التصعيد في وجه إدارة السجون التي تُواصل عمليات التنكيل بحقّ المعتقلين وقمعهم وعزلهم، مُبيّنة أن الإضراب المفتوح عن الطعام (كان) سيتّخذ شكل دفعات بدءاً من الجمعة المقبلة تحت شعار «معركة الدفاع عن الحق»، بمشاركة 1380 أسيراً من عدّة سجون، بينهم 100 أسير من قيادات التنظيمات الفلسطينية.
وشملت خطّة المواجهة المُعلَنة، أيضاً، حلّ الهيئات التنظيمية كافة للفصائل الفلسطينية في مختلف السجون، والإعلان عن هيئة قيادية موحّدة للفصائل. وتلخّصت مطالب الحركة الأسيرة بوقف سياسة القمع، وإنهاء العقوبات، وإخراج الأسرى المعزولين إلى الأقسام العادية، وإعادة الظروف الاعتقالية إلى ما كانت عليه قبل 5 أيلول، ووضع حدّ لسياسة الاعتقال الإداري التعسّفية فضلاً عن سياسة التجديد للمعتقلين الإداريين، وعودة الزيارات العائلية عبر الشبك، والسماح بالزيارات لأهالي الأسرى الغزّيين، وتركيب هاتف عمومي ثابت ودائم في السجون، إضافة إلى إعادة مواد «الكانتين» كما كانت قبل «قانون شاليط»، والسماح بإدخال المواد التموينية والخضار واللحوم والفواكه والملابس عبر زيارات الأهل.
وحسبما علمت «الأخبار» من مصدر فلسطيني، فإن الفصائل حذّرت العدو، عبر الوسطاء المصريين، خلال الأيام الماضية، من أن عدم التراجع عن العقوبات المفروضة على الأسرى قبل بدء الإضراب، سيؤدّي إلى تفجّر الأوضاع، وهو ما ردّت عليه دولة الاحتلال بالتعهّد للمصريين بمعالجة الملفّ بشكل عاجل، وبقرار من المستويَين السياسي والأمني. وفي الإطار نفسه، كشفت مصادر مصرية، لـ«الأخبار»، أن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ناقش خلال لقائه الأخير مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتفالي بينت، قضية الأسرى، وطلب منه وقف الخطوات الاستفزازية في السجون، وذلك لنزع فتيل التصعيد، وإفساح المجال أمام اتّخاذ خطوات متقدّمة على طريق تثبيت الهدوء في الأراضي الفلسطينية وفي قطاع غزة. وعلى الأثر، أبلغ المصريون فصائل المقاومة في القطاع بأن دولة الاحتلال وعدت بإنهاء العقوبات المفروضة على الأسرى، وإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها، داعية الفصائل إلى إدامة حالة الهدوء.
و عقدت «لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية» مؤتمراً صحافياً، اعتبرت خلاله الحركة الأسيرة أن الأسرى الفلسطينيين «جنوا ثمار صمودهم في مواجهة إدارة سجون الاحتلال»، مستدركة بأن «المعركة ما زالت في ذروتها على رغم إعطاء الأسرى (العدو) فرصة للتوصّل إلى حلّ لِمَا تبقّى من إجراءات ظالمة»، مؤكدةً أن «ذلك لا يعني عدم الذهاب إلى الخيار الاستراتيجي المتمثّل في الإضراب المفتوح عن الطعام في أيّ لحظة». وعلى رغم تعليق الإضراب، كشفت الحركة الأسيرة أن قضية أسرى «الجهاد الإسلامي» لا تزال عالقة، وأنه تتمّ متابعتها للتوصّل إلى حلّ لها، علماً أن إدارة السجون كانت أغلقت أقسام عناصر الحركة، ووزّعتهم على أقسام الفصائل الفلسطينية الأخرى. لكن، بحسب معلومات «الأخبار»، فإن إدارة السجون اتفقت مع قيادة الأسرى على منْح معتقلي «الجهاد» غرفة في مختلف الأقسام بشكل مبدئي، على أن يعاد النظر في إعادة أقسامهم بعد أسبوع، وهو ما وافقت عليه الفصائل، شريطة أن يتمّ البتّ في الأمر قبل السبت المقبل.
من جهتها، لفتت حركة «الجهاد الإسلامي»، خلال مؤتمر صحافي حول وضع أسراها في سجون الاحتلال، إلى الصمت الدولي المطبق أمام ما يتعرّض له هؤلاء، مبيّنة أن «الحديث عن استجابة مصلحة سجون الاحتلال للمطالب غير صحيح»، إذ تريد الأخيرة «تفتيت الموقف العام والاستفراد بأسرى الحركة». ودعت «الجهاد»، الفصائل، إلى «حماية وحدة الموقف»، محذّرةً العدو من أيّ مساس بحياة الأسرى، وداعيةً إلى «التصعيد الشعبي والقانوني لدعم أسرانا في سجون الاحتلال».