تشويه!!
على مايبدو ، لم يعد التشويه مقتصرا على ما خلفته الحرب والقذائف والصواريخ .. ولا على ما تركه الخوف والظلم في الأرواح والأجساد .. ولا على ما سببه الفقر والحقد والطائفية في تمزيق المجتمعات ..
بل تعداه ليشوه حتى التاريخ والحضارة والقيم والأخلاق .. من خلال عرض مسلسلات تستخف بعقول الناس ، وتهزأ بالانسان و بالحضارة والتاريخ .
انتظرت قليلا حتى النهايات ، لكي لا يكون حكمي متسرعا أرعنا .. واذا بي أتفاجأ ببرنامج يستخف بعقول الناس ويرعبهم حتى الموت ، يتصدر لائحة الأكثر مشاهدة في رمضان !!
انه رامز تحت الأرض ..!! ما أزعجني حقا في البرنامج أن المزحة والفكاهة تجاوزت حدود التسلية والدعابة لتصل لمرحلة الأذى النفسي والرعب اللامنطقي !! فهل وصلنا الى مرحلة بتنا نحتاج الى كل هذا التخويف والمبالغة ، لنضحك ونشعر بالفكاهة ؟؟؟!!
يليه مسلسل غرابيب سود الذي يطرح حياة داعش والذي تلقى الكثير من الانتقادات لضعفه ومبالغاته وما فاجأني ان المسلسل لم يتوقف بثه بسبب ضعفه ، إنما لأن البعض لا يقبل حتى بالاستهزاء من داعش لأنه يعتبره تطاولا على الاسلام نفسه .. !!!
هنا اسمحوا لي ان أشعر بالخوف !! ليس من داعش بقدر من يفكر بربطها بالإسلام ..
وأخيرا لن انهي مقالي قبل إغلاق باب الحارة، فبعد سنوات من صعود الدراما السورية وتبوئها المراتب الأولى بالنص والتمثيل والإخراج .. و شراء القنوات .. تهاوت كما تهاوى كل شيء جميل حولنا منذ بداية هذه الحرب الشعواء .. ليسقط معها المستوى الفكري للنص ، ويلجأ الكاتب لأسلوب المبالغات والإساءات ، دون مراعاة للحقيقة التاريخية ، والتسلسل المنطقي لتطور الحياة .. متبنيا مبدأ ( الجمهور والقنوات والمنتج .. عاوز كدا .. ) لتسويق منتجات رمضان ، ولكسب جمهور ما زال سي السيد وتقبر قلبي هو ما يطلبه .. ليعوض عن عقد النقص الذكورية في المجتمعات ..
تشويه لمس كل مفاصل الحياة .. حتى لحظات الهروب من الواقع الى عالم الخيال .. شوهتها هذه المسلسلات ..
فلم يتبق للسوري الا “جبل” بطلته المهيبة الجذابة ليقول للمتفرج الكريم ( لا تهكله للهم.. !!).