تحليلات سياسيةسلايد

تصعيد عسكري في منبج يهدد اتفاق اندماج قسد في الجيش السوري

قوات قسد ترفض الاتهامات، مؤكدة أن فصائل حكومية غير منضبطة بدأت الاستفزازات مما استدعى الرد دفاعا عن النفس.

 

تبادلت وزارة الدفاع السورية وقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد الاتهامات بشأن هجوم في مدينة منبج بشمال البلاد اليوم السبت، الأمر الذي يلقي بظلاله على اتفاق دمج تاريخي وقعه الطرفان في مارس آذار.

وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء أن وزارة الدفاع اتهمت قوات سوريا الديمقراطية بشن هجوم صاروخي على أحد مواقع الجيش في ريف المدينة، مما أدى إلى إصابة أربعة من أفراد الجيش وثلاثة مدنيين.

ووفقا للوكالة فقد وصفت الوزارة الهجوم بأنه “غير مسؤول” مشيرة إلى أسبابه “مجهولة”.

وفي المقابل، رفضت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة هذه الاتهامات وأكدت في بيان أن “فصائل غير منضبطة عاملة في صفوف قوات الحكومة السورية هي من تواصل استفزازاتها واعتداءاتها المتكررة على مناطق التماس في منطقة دير حافر كما جرى مساء أمس السبت من قصف مدفعي نفذته تلك الفصائل على مناطق آهلة بالسكان بأكثر من عشرة قذائف ودون مبررات حيث استخدمت قواتنا حقها الكامل في الدفاع عن النفس والرد على مصادر النيران”، ولم يشر البيان إلى أي قتلى أو إصابات.

وتعكس هذه التصريحات المتناقضة حالة من عدم الثقة والتوتر المستمر بين الطرفين، رغم الاتفاق السياسي الذي يهدف إلى توحيد مؤسسات الدولة.

وفي مارس، وقعت قوات سوريا الديمقراطية اتفاقا مع الحكومة التي يقودها الإسلاميون في دمشق للانضمام إلى مؤسسات الدولة السورية.

ويهدف الاتفاق إلى إعادة توحيد البلاد التي مزقتها الحرب على مدى 14 عاما، مما يمهد الطريق أمام القوات التي يقودها الأكراد والتي تسيطر على ربع مساحة سوريا للاندماج مع دمشق، إلى جانب هيئات الحكم الكردية المحلية.

ومع ذلك، لم يحدد الاتفاق كيفية دمج قوات سوريا الديمقراطية مع الجيش السوري مما ترك الباب مفتوحا للخلافات.

وكانت قوات سوريا الديمقراطية قد ذكرت من قبل أن قواتها يجب أن تنضم كتكتل واحد، بينما تريد دمشق أن تنضم كأفراد. وهذا الخلاف الجوهري حول آلية الاندماج يمثل نقطة ضعف رئيسية في الاتفاق، ويهدد بعرقلة تنفيذه.

ويبرز التصعيد الأخير في منبج التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه الاتفاق. فإذا استمرت هذه الهجمات المتبادلة، فقد ينهار الاتفاق قبل أن يتم تنفيذه بالكامل. هذا الانهيار لن يقتصر تأثيره على الأطراف المباشرة فقط، بل قد يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة، مما يوفر فرصة للقوى الأخرى للتدخل.

وقال مصدر في وزارة الدفاع التركية الشهر الماضي إن على قوات سوريا الديمقراطية أن تثبت التزامها بالاتفاق مع الحكومة السورية. وتعتبر أنقرة قوات سوريا الديمقراطية امتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور.

وقالت قوات سوريا الديمقراطية في بيانها “إننا في الوقت الذي نؤكد على ضرورة احترام التهدئة، فإننا ندعو الأجهزة المعنية في الحكومة السورية إلى تحمل مسؤولياتها وضبط الفصائل غير المنضبطة العاملة تحت سيطرتها”.

وتسلط الحادثة الأخيرة في منبج الضوء على هشاشة الوضع في سوريا. في ظل هذا التوتر المتصاعد، تتزايد الحاجة إلى حوار جدي ومباشر بين الأطراف المعنية، برعاية دولية إن أمكن، لمعالجة نقاط الخلاف في اتفاق الاندماج ووضع آليات واضحة لضمان تنفيذه. فبدون حلول دبلوماسية، قد يجد الطرفان نفسيهما من جديد في دوامة من العنف لا تخدم مصالح أحد.

تضع هذه الأزمة، بكل تفاصيلها وتداعياتها، الاتفاق التاريخي على المحك، ويظل السؤال الأهم هو ما إذا كانت دمشق وقوات سوريا الديمقراطية ستتمكنان من تجاوز هذا التصعيد، أم أن هجوم منبج سيكون بداية النهاية للوحدة المنشودة.

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى